ظاهر الألفاظ فيما كتب الدكتور طه حسين؛ هذه الألفاظ التي تحتفظ بدلالتها المعنوية إذا ما طبقت على ما جاء بكتاب (الفتنة الكبرى) من تفسير لمجرى الحوادث ووقائع التاريخ.
يشير الدكتور طه في الرأي الأول إلى أن غير عثمان لو ولى خلافة المسلمين في تلك الظروف التي وليها فيما عثمان لتعرض لمثل ما تعرض له من ضروب المحن والفتن، ثم يشير في الرأي الثالث إلى أن عثمان لو سار سيرة عمر ولو لم تدخل قرابته بينه وبين الناس لما وقعت الفتنة. . . وقد يبدو هنا شيء من التناقض بين الرأيين؛ لأن كلمة (غير عثمان) في الرأي الأول قد تنصرف إلى غيره من صحابة الرسول وفيهم عمر بن الخطاب؛ ولأن الدكتور قد قطع في الرأي الثالث بأن عثمان لو سلك مسلك عمر في معالجة الأمور لما وقعت الفتنة على هذا الوجه الذي وقعت عليه. الواقع أنه لا تناقض هناك ولا شذوذ؛ لأن الدكتور يقصد من وراء (غير عثمان) أولئك الذين رشحوا للخلافة بعد مقتل عمر وكان من الممكن أن يليها أحدهم لو لم يقع الاختيار على عثمان. . . فلو وليها علي بن أبي طالب أو عبد الرحمن بن عوف أو سعد بن أبي وقاص أو طلحة بن عبيد الله أو الزبير بن العوام لتعرض كل واحد منهم لمثل ما تعرض له عثمان من ضروب السخط وصنوف الكيد وفنون الوقيعة! كل ما حدث هو أن عثمان رضي الله عنه قد عجل بوقوع الفتنة بضعفه وتسامحه وقلة خبرته بشئون السياسة وأصول الحكم وطبائع النفوس، ولو قدر لغيره من هؤلاء الذين أتينا على ذكرهم أن يأخذ الأمور بشيء من الحزم والعنف لأبطأت الفتنة في سيرها بعض الإبطاء ولتأخرت النهاية عن موعدها بعض التأخير، ولكن هذا كله لم يكن ليحول بينهم جميعاً وبين هذا المآل الذي كان بالنسبة إلى عثمان خاتمة المطاف.
هذا التفسير المقبول يمكن أن نعالج به الشق الأول من الرأي الثاني حين يقول الدكتور طه حسين بأن هذه المشكلات التي ثارت من نفسها أو أثيرت أيام عثمان - لا لأن عثمان كان هو الخليفة - بل لأن الوقت كان قد أن ليثور بعض هذه المشكلات من تلقاء نفسه وليثير الناس بعضها الآخر. . . أقول الشق الأول من هذا الرأي لأننا لا نستطيع أن نبرئ عثمان من هذه المشكلات التي أثيرت وكان لطبيعته النفسية والخلقية في إثارتها أكبر أثر وأوفى نصيب. أما تلك المشكلات الأخرى التي ثارت من تلقاء نفسها فأوافق الدكتور طه على أنها