للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم تثر لأن عثمان هو الخليفة، بل لأن الوقت كان هو السبب الأول والدافع الأصيل إلى بعثها وإثارتها بعد أن كتمت أنفاسها يد عمر، وأخمد صوتها حزم عمر وحد من جموحها سوط عمر. . . يوم أن كان يدوي فوق الرءوس ويلهب الأجساد!.

بعض المشكلات أثاره الوقت ولم يكن لعثمان يد فيه وبعضها الآخر أثاره عثمان (الخليفة) بضعفه وتسامحه واستسلامه لذوي قرباه. . . أقول هذا لأن هناك كتاباً عن (عثمان بن عفان) يطمس حقائق التاريخ حين ينظر صاحبه إلى الفتنة ودواعيها من وراء هذا المنظار الديني الساذج الذي يظهر له عثمان فوق مستوى الشبهات والتبعات! ما هكذا تعالج القضايا التاريخية بوضعها فوق مشرحة العواطف الدينية؛ إننا لا نستطيع أن نضع على أعيننا هذا المنظار إلا إذا استطعنا أن نلغي العقل والمنطق حين نتحدث عن هذه الفتنة الكبرى دون أن نقدم النتائج مستندة إلى المقدمات. . . موقف عثمان من مقتل الهرمزان، تدليله لقرابته، إنصافه المنتمين إليه على حساب الناس، عزله ابن أبي وقاص عن الكوفة ليحل محله الوليد بن عقبة، إقصاؤه أبا موسى الأشعري عن البصرة ليضع في مكانه عبد الله بن عامر، خلعه عمرو بن العاص عن مصر ليخلفه فيها عبد الله بن أبي سرح، إيثاره الحكم بن العاص طريد الرسول، إغداقه المال على مروان بن الحكم صفيه المقرب، خضوعه لتوجيهات معاوية في نفي أبي ذر، اعتدائه أو اعتداء رسوله على عمار بن ياسر. . . كل هذه الأمور وأشباهها قد فرقت الشمل وعصفت بالصفوف، لأن عثمان كان هو الخليفة، ولئن كان السخط قد ولد في النفوس هذا الانفجار، فلأن عثمان قد شارك في الأمر بضعف رأيه وقصور نظره وسقوط هيبته!

أما المشكلة الكبرى التي أثارها الوقت ولم يكن لعثمان فيها ذنب ولا جريرة، فهي أتساع رقعة الفتوح، وتدفق الأموال، وانطلاق الأرستقراطية القرشية من معاقلها انطلاق الأسود السجينة قد تخلت عن زجرها قبضة السجان. ولم تكن القبضة الجبارة غير قبضة الجبار العادل عمر بن الخطاب لقد كان عمر يقف أبداً في طريق هذه الأرستقراطية التي لا يصدها جشع ولا يحدها طموح، لأنه كان أخبر الناس بالطبيعة القرشية إذا ما خلي بينها وبين ما تطمح إليه من سؤدد وما تطمح فيه من سلطان. . . الدرة في يمينه تخشع لرؤيتها رءوس السادة من قريش والكلمة تحت لسانه تخضع لسطوتها نفوس السادة من قريش: (ألا

<<  <  ج:
ص:  >  >>