رأسك. . . الخمرة تقول للكأس: لولاي لم تنعم بك شفة، والكأس تقول لها: لولاي لذهبت هدراً. . .
لا كبير ولا صغير في الكون. . .
إن الرسالة واحدة وإن تغير الغلاف، واصل الحياة واحد وهدفها واحد فلا تشمخوا بأنوفكم على الخلق. . . المهود واللحود تجمعكم في صعيد واحد. .
كلما شمختم على الآخرين وتخيلتم أنفسكم عظاماً ضربتم القبور بهيا كل عظامها. . .
وارتفع في الساحة صوت ملائكي يسأل عن الصلاة فأطرق الفيلسوف ثم قال:
- الصلاة هدير بحر الأيمان، والمرساة التي تقف بها سفنكم في مرفأ الخالق. . . الصلاة هي وهج الأيمان الذي يشتعل فيكم فكلما ألقيتم الأحطاب في ناركم صليتم. . هي الحنين إلى الأصل الذي جئتم منه، والى الوطن الأكبر الذي تهتم عنه. . إنكم تصلون لتطلبوا إلى الخالق إكمال ما نقص فيكم وأيقاظ ما كمن في أعماقكم ولتبلغوه شوقكم إلى الآخرة، إلى اليوم الذي تنطلقون فيه من أسر هذه الكرة التي تستبد بكم وتدميكم بقيودها، ولتفتحوا له جراحاتكم فيرى فيها مواضع الألم وطوابع المجرمين وحنق الطغاة وقسوة الزمن. . .
الصلاة لسان الظمأ الناري في النفس يستجدي الماء من ينابيع النعيم. . . وأنتم كلما حننتم إلى جريح أقمتم لله هيكلا، وكلما حطمتم سيفاً من سيوف الغدر والخيانة والظلم برق لكم سيف في السماء، وكلما قابلتم الإثم والرذيلة بجباه مقطبة بسم لكم السيد. . .
الصلاة أن تستعجلوا الرحيل من هذه الفانية. . .
وإذا صليتم فلا تنسوا هذه الكلمات:
اجعلني يا رب صالحاً للمثول بين يديك. . . اعطني جناحين لأطير إليك. . . أنا تائه فأهدني. . خذني بيديك وتنقل بي من شمس إلى شمس ومن نجمة إلى نجمة ومن مجرة إلى مجرة حتى أقع متهالكا على عتبة بيتك وأستريح. . . أخل ساحة نفسي من كل شيء عداك. . . اعطني القوة لا لأصرع الجبار، ولكن لأجعل من الصعلوك جباراً يطاول برأسه النجوم حتى يشرف على دارك. قيدني بحبك. . أنت في ضميري وطفولتي فخذني بيدك ولا تدعني أنا الطفل الكبير أقع في الهاوية. . .