أنتم بين إرادتين: إرادة الإقدام وإرادة الصبر وأعظمها الثانية.
جميلة هي الموجة المقتحمة الهائجة وأجمل منها الصخرة التي تردها. . .
جميل السيف وأجمل منه الدرع التي تتقيه. . .
جميل البركان وأجمل منه الجبل الذي يعرف أنه الجبل الوقور الرصين فيبقى حممه في أحشائه لا يزعج بها الفضاء ولا يقلق العابرين. . .
وتقدم منه شاعر وسأله عن الطبيعة وكتابها فقال:
- إن الطبيعة رسوماً وأصواتاً فهل أنتم تنظرون وتسمعون؟ الشمس تقول: أنا صورة من خيال الله إطارها الأفق فيسمعها البحر فيقول: أنا خلجة في الصورة، وتسمعها الرياح والأعاصير فتتنادى وتصرخ بصوت عظيم: نحن من أبواق الله ننذركم بشر المصير إذا كنتم لا تؤمنون. . والجبل يتكلم ويقول: أنا الجلال والوقار لا أبرح مكاني ولكن الإيمان، الإيمان وحده يذهب بي حيث يشاء من مكان إلى آخر، أنا في مهب الإيمان على الرغم من صخوري وضخامتها وعلوها، ريشة طائرة. . . ويسمع الينبوع كلمة الجبل فيقول أنا قطرة من خمرة الله. . . وتهب الخمرة من الكأس لتقول: أنا من دمه. . . وكل نجمة من هذه النجوم تقول لكم: إن بيني وبين رفيقتي عالماً مهجورا وفراغاً مخيفاً، كذلك أنتم في مناطق نفوسكم التي لا تعد. . . إن بينها أبعاداً شاسعة وقد تموتون والمنطقة الواحدة تجهل الأخرى.
وللقمر كلمته وهي أن لا نخدع به فهو يستعير نوره من الشمس وفي شعاعه المطمئن اضطراب العاجز. . . والزهرة تتنهد وتتأوه قائلة: مادمتم تقطفونني بأيديكم السمجة الغليظة، فلستم من المؤمنين بالفن والأرج والجمال، وإذا ذبلت وتحولت عنكم فذاك لأنكم لا تفهمونني. . .