للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أنتم بين إرادتين: إرادة الإقدام وإرادة الصبر وأعظمها الثانية.

جميلة هي الموجة المقتحمة الهائجة وأجمل منها الصخرة التي تردها. . .

جميل السيف وأجمل منه الدرع التي تتقيه. . .

جميل البركان وأجمل منه الجبل الذي يعرف أنه الجبل الوقور الرصين فيبقى حممه في أحشائه لا يزعج بها الفضاء ولا يقلق العابرين. . .

وتقدم منه شاعر وسأله عن الطبيعة وكتابها فقال:

- إن الطبيعة رسوماً وأصواتاً فهل أنتم تنظرون وتسمعون؟ الشمس تقول: أنا صورة من خيال الله إطارها الأفق فيسمعها البحر فيقول: أنا خلجة في الصورة، وتسمعها الرياح والأعاصير فتتنادى وتصرخ بصوت عظيم: نحن من أبواق الله ننذركم بشر المصير إذا كنتم لا تؤمنون. . والجبل يتكلم ويقول: أنا الجلال والوقار لا أبرح مكاني ولكن الإيمان، الإيمان وحده يذهب بي حيث يشاء من مكان إلى آخر، أنا في مهب الإيمان على الرغم من صخوري وضخامتها وعلوها، ريشة طائرة. . . ويسمع الينبوع كلمة الجبل فيقول أنا قطرة من خمرة الله. . . وتهب الخمرة من الكأس لتقول: أنا من دمه. . . وكل نجمة من هذه النجوم تقول لكم: إن بيني وبين رفيقتي عالماً مهجورا وفراغاً مخيفاً، كذلك أنتم في مناطق نفوسكم التي لا تعد. . . إن بينها أبعاداً شاسعة وقد تموتون والمنطقة الواحدة تجهل الأخرى.

وللقمر كلمته وهي أن لا نخدع به فهو يستعير نوره من الشمس وفي شعاعه المطمئن اضطراب العاجز. . . والزهرة تتنهد وتتأوه قائلة: مادمتم تقطفونني بأيديكم السمجة الغليظة، فلستم من المؤمنين بالفن والأرج والجمال، وإذا ذبلت وتحولت عنكم فذاك لأنكم لا تفهمونني. . .

والمطر رحمة وكرم والبرق إلهام، والرعد غرور وثرثرة، والصاعقة جنون، والسنابل أصابع كف الحياة وهي تصفع الموت، والبركان عقل باطن ثار وانفجر، وندى الفجر دموع، والظهيرة جحيم، والأصيل هدنة والليل وشاح من أوشحة الموت، والغابة أسرار والدرر في الأعماق مواهب، والضباب حيرة والنار ألسنة تخطب على منبر الفناء، والنور نار وادعه ساكنة

<<  <  ج:
ص:  >  >>