وَيْ. . . كأن هذا الفتى يعمل عملا آلياً لا روح فيه ولا معنى! لا عجب إن أخرج للناس صفحات مهلهلة متداعية تتكدس في جوانبها الأخطاء اللغوية والأغلاط الفنية. . . ولكن الفتى كان حريصاً على أن يرضي رئيسه وأن يقدم له أكبر إنتاج في أقصر وقت. . .
وحين لمس الرئيس في الفتى الجد والإخلاص والجلد عزم على أن يجزيه أجر ما فعل. وفي ذات يوم أخذ يحدثه قائلا:(كيف تقضي وقت فراغك يا أحمد؟) قال: (في البيت يا سيدي). فقال الرئيس:(أفلا تريد أن تشغل فراغك بعمل يدر عليك مالاً؟) قال الفتى: (وكيف السبيل يا سيدي؟) قال: (لقد وجدت لك عملاً يرضيك، أقدمه لك جزاء إخلاصك واجتهادك) قال الفتى في سرور ونشوة: (وما هو يا سيدي؟) قال: (أن تقوم بالتدريس مساءً في معهد (كذا) الأجنبي). . . واندفع الفتى إلى رئيسه يلثم راحته شكراً له على فضله وتقديره!
ودخل الفتى المعهد ليبيع كرامته وشرفه ورجولته بثمن بخس دراهم معدودات. . . واطمأن عميد المعهد إلى استخذائه وضعفه، فشمله بعطفه وحباه بصداقته. . . ثم. . . ثم قرر - بعد حين - أن يوفده في بعثة إلى الخارج ليتم دراسته على نفقة المعهد ليكون صنيعة له وعوناً وساعداً.