على المئات؟! إن الإنجليز وهم أساتذتنا في العلم والسياسة قد منحوا المرأة حقوقها السياسية متمثلين بقول شريدان:(النساء يحكمننا فلنجهد في جعلهن صالحات). . . ولقد برهنت في سنين قلائل على أنها جديرة بهذا الحق، وجديرة بقول لامارتين:(إن كل عمل مجيد وعظيم أساسه المرأة)!
عن طالبات قسم الفلسفة بكلية الآداب
آنسة رسمية علي خليل
أشكر للآنسة الفاضلة أدب الخطاب ولطف العبارة. . . أنه ليسعدني حقاً أن يكون بين فتيات الجامعة في هذه الأيام من تخاطبني بهذا الذوق الجميل، ومن تناقشني بهذا الخلق الكريم، ومن ترد على بهذا الأسلوب المهذب.
بعد هذا أقول للآنسة الفاضلة إن ما جاء بكلمتي من عبارات غلقت بالقسوة واتشحت بالمرارة، كان مرده ' إلى الواقع الذي تكشف لعيني يوم أن كنت في الجامعة، ممثلاً في جيل الفتيات قد تكون منه اليوم بقية. . ولمن هذه البقية لا يمكن أن تحول دون وجود المثقفات والمهذبات من أمثال الآنسة ومن تحدثت إلي باسمهن من طالبات قسم الفلسفة بكلية الآداب. هذا أمر يفرض على الحق أن أسجله في كثير من الغبطة، ويفرض علي الإنصاف أن أخصه بكثير من الإعجاب. . . وأكتفي بهذا القدر الذي تنوب فيه الإشارة عن الإفاضة ويغني فيه التلميح عن التصريح، حتى لا نثير الغبار من جديد حول قضية طالبات العلم وطالبات الزواج!
تسألني الآنسة الفاضلة في مجال التعرض لعدد المثقفات في مصر كم كان عدد المثقفين يوم أن سن قانون الانتخاب في عام ١٩٢٤. من قال لك يا آنستي إنني أنظر إلى القلة في عدد المثقفات بمنظار؟ إنني ما نظرت في يوم من الأيام إلى عدد المثقفين في مصر ممن منحوا حقوقاً سياسية إلا بمنظار قائم يمتزج فيه الإشفاق بالرثاء! أقسم لك لو كان الأمر بيدي لما منحت طلاب الحقوق السياسية ما يتطلعون إليه من سلطان إلا بمعيار. . . معيار قوامه الثقافة الكاملة في كل أمر من أمور الحياة، ولا ضير على الإطلاق من أن نظفر بمائة رجل من هذا الطراز لأنهم لو وضعوا في الميزان لكانوا خيراً من ألوف!