المثقفون في مصر قليل يا آنستي والمثقفات أقل. . . ومن الخطأ أن نعمم وضعاً من الأوضاع بما فيه من أسباب النقص والقصور لأنه قد أصبح حقيقة واقعة، كلا! فما كان النقص في صورة من الصور ليبيح لنا أن نتخذه مقياساً في نظرتنا إلى كل قيمة من القيم وكل حق من الحقوق. . إنني أرد بهذه الكلمات على ما سقته من حجج وما أتيت به من براهين، ولو شئتِ لنقلتُ القضية من ميدان إلى ميدان ولا بأس لدي من هذه النقلة التي تتيح للحديث أن يفيض ولأفق النقاش أن يمتد! إننا نستطيع أن ندير دفة الجدل إلى ناحية أخرى لا صلة لها بمسألة القلة العددية في مجال التعليم والتثقيف. . . هناك حيث نلتقي في رحاب قضية أخرى تتصل بوظيفة المرأة الأساسية في الكون ومكانها الطبيعي في الحياة.
تطالب المرأة بحقها في كرسي النيابة وبحقها في كرسي الوزارة، وبالمشاركة في كل أمر من أمور الدولة وكل شأن من شئون الحكم، وكأننا قد فرغنا من كل ما يواجهنا من صعاب في إصلاح المجتمع ولم يبق أمامنا ما يتطلب العلاج الحاسم غير هذه المشكلة بالذات، لا فقر هناك ولا مرض ولا جهل ولا ألف مشكلة تتفرع عن هذه المشكلات الثلاث وتتطلب الكثير من الرعاية والاهتمام! تنسى المرأة المصرية هذا كله وتنسى معه وظيفتها الحيوية وطبيعتها الأنثوية. . تنسى وظيفتها في كيان الأسرة، وطبيعتها في نظام البيت، ومكانها في رحاب الأمومة، ولا تفكر إلا في أن تكون صاحبة جاه وسلطان!
إننا نريد أن نسأل المرأة المصرية عن غايتها من كرسي النيابة وعن هدفها من كرسي الوزارة؟ إن الغاية المبرأة من الهوى وإن الهدف المنزه من الغرض هو أن تضع جهودها وعلمها وثقافتها وخبرتها بشئون الحياة في خدمة المجتمع الذي تعيش فيه. . . كل هذا ميسر وكل هذا جميل، ولكنها تنسى أن البيت سيهمل في سبيل كل أمل مرجو وكل منصب منشود، والبيت الذي تشرف الزوجة الصالحة والأم الفاضلة هو صانع الرجال وخالق الأجيال!. إن المرأة تستطيع أن تحقق رسالتها المثلى وهي في رحاب البيت وفي نطاق الأسرة؛ تستطيع أن تمد الوطن عن طريق الرعاية الكاملة والتربية الناضجة والتوجه الرشيد بالأبناء النابغين. . وعن طريق هؤلاء الأبناء يتهيأ لها أن تضع يديها على عدد من المناصب بدلا من هذا المنصب الواحد الذي تسعى إليه، حين ينوب عنها في خدمة المجتمع أفراد متعددون، وعشرون يداً تشارك في إقامة البناء خير من يدين!!