- كيف لا أعرفك وصورك تملأ بيتنا. . نفصلها من الصحف والمجلات ونزين بها الجدران، واسمك يملأ أسماعنا ويبعث النشوة في نفوسنا. . . هلم يا خالي. . . كم تسر أمي برؤيتك! أمي بنت عمك علي المختار. . .
طرق الشاب باب منزلهم، وقد طلب إلي أن أتأخر قليلاً حتى أكون بحيث لا يراني من يفتح الباب، وفتحت له أمه، فبادرها بأنه سيفاجئها الآن بهدية نفيسة هي أعز أمانيها، ثم أردف: سترين الآن يا أماه ابن عمك الأستاذ محمد مختار البرجي.
وتقدمت، وكن لقاء حاراً أترك وصفه لأنك تدركه من طبيعة الموقف. واستمر الصديق يقول: لا أطيل عليك الكلام. عرفت مما دار بيننا من حديث أن الشاب يحل محل أبيه المتوفى في تجارته الموفقة، وأن عمي الثاني وله أولاد يعيشون أيضاً في دمياط، كما عرفت من بنت عمي هذه أن لها شقيقتين متزوجتين.
وتبادلنا الزيارات العائلية، وتوطدت العلاقة، وتم التعارف بين هؤلاء الأقارب الأعزاء وبين أسرتي وأولادي في القاهرة، وساد هذه العلاقة مودة وسرور كان لهما أثر كبير في تجديد نفوسنا جميعا. ثم مضت الأيام، وصرنا نشعر بالقرابة، وغفرنا لصروف الزمن ما قضت به من التشتت فيما مضى.
واحتسى الأستاذ البرجي قهوته، وجذب أنفاسا من لفافة أشعلها واستأنف يقول: وجاء إلى مرزوق أفندي، وهو ابن عمي الثاني، وقد اعتاد زيارتي عندما يأتي إلى القاهرة، ولكنه هذه المرة جاء لأمر. . . قال:
- أعد نفسك لما سألقي عليك من نبأ.
- قل. . .
- إنه نبأ مؤلم! وأحب أن تكون شجاعاً في تلقيه.
- هاته، أسرع، فقد يكون كلامك أشد منه.
- ما أحسبك لقيت في حياتك أشد مما سأفضي إليك به، ولا مفر لي من ذلك، لأن هذا الأمر يهمك كما يهمنا.
- لا تخش شيئاً فأنا أليف شدائد.
- أتعلم أن لك أبنت عم اسمها سنية وأنها. . . راقصة!!