- ألم تقل إنك حليف شدائد؟ لا تجزع يا أخي لأني أريد أن تعاونني في ثبات على ما جد في أمرها. وأجمل لك قصتها في أن أمها كانت قد تزوجت بعد وفاة أبيها، وكانت أخواتها الثلاث قد كبرن وتزوجن، أما سنية فقد ضاق بها زوج أمها، وضاقت هي بما لقيت من قسوة وخشونة، فتسللت إلى القاهرة، ثم احترفت الرقص، وهي الآن تعمل في إحدى (الصالات) وكانت قد تزوجت بشاب من أهل الفن توثقت بينها وبينه أسباب المودة في أثناء عملها معاً في (الصالة) وعاشرها سبع سنين ثم طلقها أخيراً.
- إيِه. . .
- وقد ذهبت إليها اليوم وأردت أن أنقذها من هذه البيئة فعرضت عليها الزواج، فأبت، وسخرت مني. وقد اعتزمت أمراً أريد أن تعاونني عليه. . . نقتلها فنغسل عارنا بدمها.
- هون عليك يا أخي، فالذي بنفسك سيذهب بعد حين، ولن تقتلها، وأنا لا أستطيع قتل دجاجة. اذهب إلى حالك ودع الأمور تجري في مجاريها.
ولم أرد أن أخاشن ابن عمي وهو في زيارتي، فتلطفت معه حتى ودعته وانصرف بعد الغداء، وقد انفثأ غضبه، وعاد أدراجه إلى بلده كأن لم يكن شيء. وكنت حرياً أن أسأله عما جد في شأن ابنة عمنا وهي هي كما يعلم منذ أمد بعيد، وجعلت أفكر في الأمر وأنا لا أستطيع أن أتصور كيف نقتل فتاة دفعها التيار إلى هذه الناحية من الحياة. . . وهل تقتل الفتاة لأنها راقصة؟! وكلما تذكرت ما كان يريدني عليه من المعاونة على قتلها عرتني رعدة اشمئزاز واستنكار لفكرة القتل البشعة. ويختلط هذا كله بألم يحز فيها حينما أتصور حياة الراقصات التي أعرفها، وأن بنت عمي واحدة منهن. . . ودار رأسي من التفكير والألم.
وأخذت طريقي إلى نادي الصحفيين. وما أخذت مجلسي هناك حتى جاء الخادم يدعوني إلى التليفون، فأمسكت السماعة وأصغيت، فسمعت صوتاً ناعماً يقول:
- أنا قريبة لك.
- أعرفك. . . سنية بنت عمي.
- إذن حضر إليك اليوم مرزوق أفندي. ولكن كيف تقول إني بنت عمك؟ ألا تنكرني؟!