مكثت سبع سنين متزوجة، وقد عرضت عليها في النادي أن يكون على حريتها فتطلب ما تشاء ففي المقصف كل شيء. . . ولكنها أبت وأكدت أنها لا تشرب الخمر وأنها ليست كما قد أظن. . . الخ. ولكني في الوقت نفسه أعرف (الصالات) وما فيها من (فتح) وغيره. . . لذلك جعلت أرقب أحوالها في زياراتي لها؛ فلم أجد ما يريب.
وكنت مرة في نادي نقابة الممثلين مع صديقي الأستاذ أحمد كامل أحد نجوم المسرح والسينما وعضو مجلس إدارة النقابة؛ وقصصت عليه قصة بنت عمي؛ وتعمدت أن أذكر اسمها - في عرض الكلام - قبل أن أفضي إليه بقرابتها وقصتها؛ وهو صاحب مغامرات مع كثيرات من هؤلاء الراقصات ومثيلاتهن. فلما وصلت في القصة إلى التلويح بشيء من التشكك، قال لي: حسبك لأن تطمئن أن تعلم أني لا أعرفها!
وصحبت سنية بعد ذلك إلى نادي نقابة الممثلين؛ وعرفت أعضاء النادي بها. ثم طلبت أن تشترك في النقابة؛ فقال لي الأستاذ أحمد كامل: إننا لا نقبل في النقابة راقصات (الصالات) ولكن من أجلك سأعمل على قبولها.
وقيد اسم سنية في نقابة الممثلين. وأقترن ذلك بالاتصال بأحد منتجي الأفلام؛ وتم الاتفاق على أن تظهر سنية في فلم جديد، وهي الآن تعمل به وقد تركت العمل في (الصالة).
واغتبطت اغتباطاً كبيراً بهذا التوفيق في نقل ابنة عمي من بيئة (الصالات) إلى مستوى الممثلين والممثلات، وأنت تعلم أن هذه الطائفة من أهل الفن قد أصبحت لها اعتبارها ومكانتها في مجتمعنا الحديث. وقد صرت أنظر إلى سنية نظرة المطمئن الذي لا يجد غضاضة في الظهور معها في المجتمعات، ولا أخفى أنني كنت قبل ذلك أواجه الأمر الواقع، وكنت أحدث نفسي بأنه يجب أن أقول للناس: هذه ابنة عمي! فلا أدعهم يتسارون بذلك. . . وكان سرورها بي وبمسلكي هذا يعوض في نفسي بل يفوق كثيراً ما أشعر به من خفي الشعور، بل يكاد يمنعه. أما بعد أن صارت ممثلة وعضواً في نقابة الممثلين فقد طابت نفسي وراق بالي.
وسكت الأستاذ البرجي، وهو ينزع الغلاف الشفاف عن علبة اللفائف الجديدة، ويطويه بيده ويرمي به، ثم يشعل لفافة ويأخذ منها نفسا؛ ويسند رأسه المثقل إلى راحته وسحابة الدخان تتراقص أمام سحابة الهم على وجهه.