للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

شجون!

فلنعد إلى ما كانا فيه. . .

فكرة أريد أن أصححها عن (الفلسفة الإسلامية) كما يصورها ابن رشيد وابن سينا والفارابي. . . فقد ألمت بهذا في بحثك الممتع الطويل.

إن هذه الفلسفة قد تصح تسميتها (الفلسفة الإسلامية) بمعنى أنها قد وجدت في أرض إسلامية على يد أفراد مسلمين.

ولكن يكون من الخطأ العميق اعتبارها (فلسفة الإسلام) وقد آن أن تصحح هذه الغلطة القديمة الحديثة!

إن فلسفة هؤلاء الفلاسفة إن هي إلا انعكاسات للفلسفة الإغريقية في ظل إسلامي. وهي لا تبلغ أن تصور الفكرة الكلية للإسلام عن الكون والحياة والإنسان. هذه الفكرة الخالصة الكاملة المتناسقة.

ما أشبه الدور الذي قام به هؤلاء الفلاسفة الإسلاميون بالدور الذي تقومون أنتم به الآن - أنت وجيل التمهيد من الشيوخ - فتنة بالفلسفة الإغريقية، ومحاولة لتفسير الإسلام على ضوء هذه الفلسفة. والإسلام يحمل فكرة مستقلة مختلفة في طبيعتها الأصلية، عن طبيعة الفكرة الإغريقية من الأساس!

من أذهانهم لا من قلوبهم استمدوا فلسفتهم. . . وهكذا تعملون!

لهذا وجدت تلك الفلسفة اهتماماً وعناية من الأوربيين ورثة الإغريق؛ لأنهم قادرون على فهمها والإحساس بها. أما فكرة الإسلام الصميمة الكلية عن الكون والحياة والإنسان فهي شيء آخر لم تصوره تلك الفلسفة، ولم يتمثله الأوربيون. وتبعاً لذلك لم يتمثله المحدثون من المسلمين الذين يتلقون كل ثقافتهم عن الأوربيين!

ومالي ألومكم أنتم، والأزهر ذاته لا يدرس في كلياته إلا تلك الفلسفة الإسلامية باعتبارها فلسفة الإسلام!

أنا واثق أن سيكون لنا أدب خالد؛ وأن ستكون لنا حياة فكرته وإنسانية ملحوظة. ذلك يوم نؤمن بأنفسنا، يوم نشعر أن لدينا ما نعطيه، يوم نستلهم طبيعتنا الأصلية. يوم نهتدي في ذواتنا إلى النبع العميق.

<<  <  ج:
ص:  >  >>