الثعلب! آه لو انسلخوا من إهابهم لتكشف نفوسهم عن مثل نتن الجيفة!
وهناك، في البلد الأجنبي، تعلمت فلسفات ثلاثاً نبعث كلها من القبعة التي لبست بعد أن نيّفت على الاربعين: فلسفة العقوق والجمود، وفلسفة الكفران والكنود، وفلسفة الاستسلام والخضوع. . .
وتلقفك هنا رئيسك وعميدك معاً. أما رئيسك فموظف كبير في الحكومة ذو شأن ومكانة، وأما عميدك فرجل أجنبي ذو جاه وسلطان. وتنازعك الرجلان حيناً، ثم ظفر بك العميد. ظفر بك لتتحدث بلسانه وتفكر برأيه وتتفلسف بعقيدته، ولتنفث سموم جنسه في شباب الجيل، ولتعلم النشء أن القبعة شيء مقدس يستهوي العقل ويسجد له الفكر، على حين أنها شيطان يتوثب مكراً وخداعاً.
وجلست إلى تلامذتك توحي إليهم بفلسفة القبعة. وبدا لأعينهم ما يتوارى خلف كلماتك فتلاقت نظراتهم في عجب، وتقابلت ابتساماتهم في سخط، ثم انصرفوا من لدنك وعلى ألسنتهم كلمات الاحتقار والسخرية. لقد سخروا منك أنت أيها الفيلسوف العظيم لأنك أردت أن تمكر بهم وتستلبهم من الوطن والدين واللغة فما انطلى عليهم أسلوبك ولا خدعتهم فلسفتك. وقال واحد منهم: إن أستاذنا الفيلسوف قد لبس القبعة ذات مرة. . . لبسها لينزل عن كرامته، ولينبذ المعاني السامية للوطن والدين واللغة. . .