للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

شئت المزيد فارجع إلى ما تركه من آثار نجد أن ناحية القضاة الإسلامي ميدان لا يزال بكراً بطلب البحث والدرس والتقييد والإفاضة.

فإلى قضاة الثغر الوطنيين والشرعيين أوجه كلامي ففي عنق كل منهم أمانة. وما الفضاء الوطني إلا تكملة للقضاء الإسلامي وشعاع انبثق من أنوار ساطعة في فترة أربعة عشر قرناً من الزمن.

أما تاريخ الإسكندرية الحربي فهو صفحة من صفحات الخلود لم تكتب بعد. ولن أحدثكم عن عمل الإسكندريين في حروبهم وقتالهم، وأنما أكتفي بأن أشير إلى بطولة امتازوا بها خلال القرون الماضية وهي حماية الحصون والقلاع، وخدمة الأساطيل الإسلامية.

جاء في حوادث سنة ٢٦١ هجرية أن إبراهيم بن أحمد بن محمد ابن الأغلب ولي أفريقية وحسنت سيرته فكانت القوافل والتجار تسير في الطرق وهي آمنة، وبنى الحصون والمحارس على ساحل أبحر حتى كانت توقد النار من مدينة سبته إلى الإسكندرية فيصل الخبر منها الإسكندرية في ليلة أو اكثر وبينهما مسيرة أشهر

وجاء في حوادث سنة ٦٧١: اهتمام الملك الظاهر يبيرس بأمر الشواني وكيف أمر بأعداد مائة منجنيق ونصبها على أسوار الإسكندرية.

وجاء ذكر أبطال من الرجال حذقوا رماية القوس من أهل الثغر واختصوا بحماية الأبراج؛ فهؤلاء آتي يوماً الظاهر برقوق واستعرضهم بالقاهرة تحت اسم رماة القوس بالرجل؟

ولست أعرف مدينة من مدن البلاد العربية ضاعت آثارها الإسلامية وأزيلت أغلب معالمها مثل الإسكندرية وقد حاولت أن أجد لذلك مبرراُ فلم أقدر: سوى تلك الرغبة التي نراها في عبادة المدينات التي انقرضت، واتهام المسلمين بأنهم قوم يسرع الخراب على أيديهم. فأسوار المدينة في العهد الإسلامي وأبراجها قد أزيلت؛ وكانت بقايا باب رشيد لا تزال قائمة فإذا بمكانها يستعمل حديقة عامة؛ وتحت شعار أن القبور لا تحوي أصحابها أزيلت معالم المدينة الإسلامية وقبور العلماء والأولياء والصالحين، وكل ما يذكرنا بماضينا: حتى أسماء الأحياء والشوارع قد تغيرت باسم التجديد. فكأنما قد ولدنا اليوم، وكأننا قد بعثنا وليس لنا ماض يذكر وتاريخ يعرف. ولولا عناية كريمة شملت قلعة السلطان قايتباى تستحق أن تحمد وتشكر، لبقيت جدرانها مهدمة ولزالت مع الزمن.

<<  <  ج:
ص:  >  >>