بخير إلى الفئتين الأخريين وهذا هو التحديد الذي يجب أن يذكر عند التعرض لموقف الدولة من الأدب وأهله بوجه عام!
الفن والحياة بين أمس واليوم:
هذا عنوان كلمة في (الأهرام) تناولت فيها السيدة بنت الشاطئ بالعرض الطلي والتحليل النابض موقف الفن من الحياة بين الماضي الغابر والحاضر المشهود. ولقد كانت الكلمة من وحي مشاهدتها للحفل الرائع الذي أقيم لتكريم الأدب والعلم في جامعة فؤاد الأول، حين أقبل مندوب صاحب الجلالة الملك ليقدم الجوائز للمتفوقين الأعلام.
لقد كان رائعاً حقاً أن تجول الأدبية الفاضلة بفكرها بين ألامس واليوم، لتقوم بموازنة طريفة بين موقف الفن من القصر وموقف القصر من الفن في عهد القدامى والمحدثين. . . يوم أن كان الشعراء يقفون بأبواب الملوك وقفة الذل والخضوع في انتظار صلة قد يظفرون بها وقد لا يظفرون، ولا بأس من صيغة الكرامة الشخصية والعقلية في غمرة القول الملفق والشعور المصنوع. . كما فعل ابن نباته السعدي حين ورد على ابن العميد، وكما فعل ابن هانئ الأندلس حين طرق أبواب المعز، وكما فعل أبو الطيب المتنبي حين احسن الظن بتقدير كافوراً!
من عهد أولئك القدامى تنتقل السيدة بنت الشاطئ إلى عهد المحدثين بهذه الكلمات:(فأين هذا مما ترى اليوم؟ اليوم تقدم جائزة الملك تقديراً للأدب وتكريماً للعلم!. . . ولمن تقدم؟ للأديب والعالم، لم يقفا بباب، ولا امتهنا بسؤال، وإنما عكفا على الدرس وشغلا به!. . . وعلى أي شيء تمنح؟ على درس أدبي لم يرد فيه ذكر الملك صاحب الجائزة، وعلى بحث علمي لا صلة له بالقصر!. . . وأين؟ في دار العلم، يسعى بها من القصر العامر رسل كرام مختارون، تقديراً للجامعة واعتزازاً بها!. . . وهكذا أصبحت أموال الملوك ترعى الفن والعلم وتبذل لرفع شأنهما، وقد كانا - كلاهما - من قبل مسخرين في خدمة كل ذي مال أو سلطان! فهل انعكست الأوضاع ودارت الدنيا وتغير نظام الكون؟ كلا، لا شيء من ذاك. . فأن مشهد اليوم ومشهد ألامس ليسا سوى مظهرين اثنين، لصلة الفن بالحياة).
هذا كلام جميل، وأجمل منه قول الأديبة الفاضلة:(ونحن (الأمناء) الذين اتخذنا الكرامة شعاراً وحاربنا الأدب الرخيص المرتزق، نبارك هذا المظهر الكريم، ونرى فيه طلائع