أما ما يخص جانبي ترتيب المملكة وتنظيم الجيوش، فكل دولة من الدول الإسلامية لها طابعها الخاص بها. ويمكن فيما يخص مصر أن نقسم البحث إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ترتيب المملكة في زمن الخلفاء الراشدين إلى آخر الدولة الإخشيدية.
القسم الثاني: الدولة الفاطمية.
القسم الثالث: الدولة الإسلامية التي بدأت من عهد صلاح الدين إلى ابتداء الحملة الفرنسية.
أما الكلام عن القسم الأول، فكان ولا يزال ميداناً للبحث والاكتشاف العلمي وجمع المعلومات، ويظهر أنه كان محاطاً بالغموض في العصور الماضية بدليل أن صاحب صبح الأعشى يقول أنه لم يتحر له معرفة ترتيب المملكة فيها، والظاهر له أن أغلب النواب والأمراء حينئذ كانوا على هيئة العرب واستمروا كذلك حتى ولى مصر أحمد بن طولون وأبناؤه فأحدثوا فيها ترتيب الملك. وهذا الباب الأخير من القسم الأول أي من ابتداء الدولة الطولونية إلى نهاية الإخشيدية يحتاج إلى عناية الباحثين، والدخول فيه عسير لأن مواده لا تزال قيد البحث والتنسيق.
فإذا دخلنا العصر الفاطمي، نجد أنه كان موضع عناية المتقدمين وأن بين أيدينا مادة للبحث مدونة ومبوبة وتصلح للدرس والمقارنة.
أي أنه توسع الكاتب أن يتناول ترتيب المملكة ترتيب المملكة من جهة نظام الملك وتقاليده وأبهته وقواعد المراسم في الحفلات العامة كما قلنا، ثم يعرض لملابس التشريفة الكبرى وما كان يلبسه الخاصة والعامة والجند والأمراء، ثم يخلص إلى الآلات الملوكية المختصة بالمواكب العامة كالتاج وشدة الوقار والمظلة وغيرها.
أما الأعلام في العهد الفاطمي بالذات، فيحتاج درسها إلى احتراس شديد، وكذلك دراسة السلاح وأصناف الجند وتعبئتهم في الصفوف والمواكب، وأعتقد أن لدينا من المواد المعلومات ما يجعل دراستها تحت متناول يد الباحث، لو كان ملماً بالقواعد المعمول بها في العالم الآن، إذ لكل دولة من الدول القائمة ومنها مصر مراسمها الخاصة بها وتقاليدها، كما أن لجيوش البر والبحر قواعد تختلف بعضها عن بعض ولكنها ترجع في النهاية إلى أصول متعارف عليها. وقد نجد في بعض هذه الأنظمة بقايا من أثر الشعوب الشرقية