ولدينا وصف كامل للمراسم التي اتبعتها خلافة بغداد في تقليد سلطان السلاجقة وهي جديرة بالتأمل والدرس؛ لأنها تعطينا صورة حية لأساليب هذا العصر ثم تجعلنا نعود إلى أوائل دولة بني بويه فنجد أن هذا التقليد اتبع في عهد عضد الدولة فناخسرو الذي كان أول من خوطب في الإسلام بالملك شاهنشاه. ولدينا صورة لتقليد صمصام الدولة سنة ٣٧٣هـ لا تختلف في مظاهرها عن تقليد السلطان السلجوقي سنة ٤٤٧ هـ. ونعود إلى هذه الحفلة فنعرضها كما جاءت في كتب الأقدمين:
جلس الخليفة القائم بأمر الله يوم السبت ٢٥ ذي القعدة سنة ٤٤٧ هـ دخل عليه سلطان السلاطين طفرل بك.
توج وطوق وسور.
أفيضت عليه سبع خلع سود في زيق واحد واتخذت له بها مملكة الأقاليم السبعة.
شرف بعمامة مسكيه مذهبة فجمع بين تاجي العرب والعجم.
لقب بالمتوج والمعمم.
قلد سيفا محلى بالذهب.
عاد وجلس على الكرسي.
قام ورام تقبيل الأرض فلم يتمكن لموضع التاج الخسروي.
سأل مصافحة الخلفة فأعطاه يده دفعتين
قلده سيفا آخر كان بين يديه.
ختم له بتقليد السيفين، فقلد ولاية الدولتين.
خاطبه بملك المشرق والمغرب.
من ذلك يتضح أن تقليد الخليفة للسلطان تم بمقتضى مراسم موضوعة روعي فيها جلال سلطان الخلافة وعظمة سلطان الأرض.
قارن هذه المراسم بحرص الملك الظاهر بيبرس أن يتم تقليده طبقا لها عند إعادته للخلافة العباسية في مصر مع اختلاف في بعض مظاهرها.