يكون ثمة شيء يقف في سبيله بعد ذلك. هذا الشيء الذي يخشاه أرباب المذاهب السياسية والاقتصادية، ويحسبون له ألف حساب، متحينين كل فرصة وكل وسيلة للقضاء عليه هو (الدين). ويتذرعون بمختلف الحيل والأحابيل لإلغاء فطرة الله: تارة باسم الحرية الفردية، وتارة باسم الأدب والفن، وتارة باسم العلم والفلسفة، وتارة باسم الوجودية، وتارات بإشاعة الفجور ومغرياته بمهوناته من الحاديات وأشياء يزعمون أنها طابع العصر وعنوان المدينة!
والشباب موزع يحس صراعاً في ذات نفسه - من حيث يدري ولا يدري - بين هذه الفلسفات والمثيرات، وبين ما ورثه من حقائق الدين، وعقائد الألوهية، ومواضعات العرف. ونتيجة لهذا تتشتت قواه وتنقسم شخصيته بين عاملي الشك واليقين، وثم تتملكه الهموم ويتنازعه الشقاء، وما يستتبع ذلك من نزعات منحرفة قد تودي بحياة الشاب في بعض حالاتها. وأضننا ما زلنا نذكر تلك النزعة الرومانتيكية التي طغت على أوربا حيناً فغشيتها آنئذ موجة الانتحار المشهورة، والتي هونت على الشاعر الألماني الفيلسوف جوته سبيل الانتحار تخلصاً من يأس الشك، حتى يرى ماذا يكون وراء الطبيعة، أحقيقة هو أم كذب بقوله لنفسه:(لتقتحمي الطريق الذي يوصلك إليه حتى ولو اعترضتك نيران الجحيم المستعرة). . . لولا أن تداركه لطف الله. وربما يحدث غير ذلك، فينغمس الشاب في الشهوات تخلصاً من آلامه حتى يهلك. وما إلى ذلك من مآس لا يسمح المقام بذكرها.
ولكن أين إذن موضع الحق من ذلك كله؟
هذا ما سنحاول الكشف عنه فيما يلي:
رأينا فيما سبق كيف أن الاجتماعيين جانبهم التوفيق في تلمسهم أسباب الثورة عند الشبيبة في حدود العوامل الفسيولوجية والسيكولوجية ليس غير؛ فتورطوا في غلطة لن يغتفرها التأريخ لهم أبداً، وهي نصحهم بالعلاج السيكولوجي لنفسيات الشبيبة، فماذا ترون إذن يكون هذا العلاج؟
لاشيء عند السيكولوجيين غير حل العقد الفرويدية وما إليها بالطرق التي نعرفها جميعاً، وغير تجنب عوامل الكبت بما يسمونه (التنفيس)؛ وفي سبيل هذا التنفيس يهون كل مرتخص وقال. ويجب قبل كل شيء أن نعرف أن الحياء مرض نفسي، ولا يمكن أن تكون النفس كاملة إلا بإزالة هذا المرض الخطير (يعني بقلة الحياء)!