تأويل مختلف الحديث، جاء في ص٧١ من هذا الكتاب ما يلي (ثم نصير إلى الجاحظ، وهو آخر المتكلمين، والمعاير على المتقدمين، وأحسنهما للحجة استثارة، وأشدهم تلطفاً لتعظيم الصغير حتى يعظم، وتصغير العظيم حتى يصغر، ويبلغ به الاقتدار أن يعمل الشيء ونقيضه، وتجده يقص في كتبه للمضاحيك والعبث، يريد بذلك استمالة الأحداث وشراب النبيذ، ويستهزئ من الحديث استهزاء لا يخفي على أهل العلم كذكره كبد الحوت وقرن الشيطان، وذكر الحجر الأسود وأنه كان أبيض فسوده المشركون، وقد كن يجب أن يبيضه المسلمون حين أسلموا، وبذكر الصحيفة التي كان فيها المنزل في الرضاع تحت سرير عائشة أكلتها الشاة، وأشياء من أحاديث أهل الكتاب في تنادم الديك والغراب، ودفن الهدهد أمه رأسه، وتسبيح الضفدع، وطوق الحمامة، وأشباه هذا مما سنذكره فيما بعد إن شاء الله، وهو مع هذا من أكذب الأمة، وأوضعهم لحديث، وأنصرهم لباطل).
هذا هو رأي ابن قتيبة في الجاحظ، وهو يلقف ما يقوله عنه الأستاذ. ولست أدري كيف استباح لنفسه الطعن في ابن قتيبة بذلك الأسلوب التهكمي مع أنه لم يستطع أن ينقذ مما قاله حرفاً وأحداً، أتراه كان ينتظر منه تقريظ الجاحظ لاستهزائه بحديث الرسول؟
وأن تعجب فعجب قول الأستاذ بعد ذلك (كيف لعمري قضى ابن قتيبة على خصمه في مذهبه هذا القضاء وهو القائل في عيون الأخبار من تأليفه: وليس الطريق إلى الله واحداً، بل الطرق إليه كثيرة، وأبواب الخير واسعة، وصلاح الدين بصلاح الزمان، وصلاح الزمان بصلاح السلطان، وصلاح السلطان بعد توفيق الله بالإرشاد وحسن التبصير) ما هذا الكلام؟ وماذا يريد الأستاذ بإيراده؟ بل ما معناه؟ وما علاقته بالموضوع؟ ولست أدري، ولعل الأستاذ وحده يدري!
وأجب مما سبق قول الأستاذ بعد ذلك عن أبن قتيبة:(ورمى أيضاً أبا الهذيل العلاف بما ليس فيه، ووصفه بأنه كذاب أفاك، وطعن فيه أشنع طعن. وكذلك كان حظ ثمامة بن الأشرس منه، وهما الأئمة، ورمى هذا برقة الدين وتنقص الإسلام والاستهزاء به. وطعن في النظام أيضاً وهو الذي رد على الملحدين والدهريين شطراً كبيراً من عمره)
من أين علم الأستاذ أن أبن قتيبة افترى على أبي الهذيل
الكذب ووصفه بما ليس فيه؟ هل قرأ كتب التوحيد وألفى فيها