أما عمل اللجنة في طبع هذا الكتاب فإنا ندع القول في بيانه إلى الأستاذ الجليل الدكتور أحمد أمين بك.
قال حضرته - بعد أن ذكر عمل الأستاذ محمد شفيع أستاذ العربية في جامع بنجاب الذي بذل مجهوداً كبيراً في العقد، وأخرج جزءين كبيرين منه، وأن اللجنة قد استفادت من عمل هذا الأستاذ فوائد عظيمة - (ثم هانحن أولاء نحاول أن نخرج الكتاب إخراجاً علمياً - مصححين ما استطعنا - أغلاطه معارضين نسخه المختلفة بعضها على بعض مثبتين أصحها ذاكرين في حواشي الكتاب ما ورد في النسخ الأخرى مكملين ما نقص من عباراته مفسرين ما أبهم من كلماته، شارحين ما غمض من مشكلاته، ضابطين ألفاظه، متحرين أصح الأقوال في نسبة المقطوعات الشعرية والنثرية والأخبار إلى أصحابها مبينين اختلاف الروايات في الشعر والنثر، منبهين على أحسنها معنونين كل خبر وكل مقطوعة بعنوان خاص يدل عليه ويجمع ما فيه من الإيجاز وكان أول ما فعلنا أن كتبنا إلى الأستاذ ريتر المستشرق الألماني بالأستانة نرجوه أن يتحرى نسخ (العقد) في مكاتب الأستانة ليتبين خيرها وأحسنها فكتب لنا وصفاً مطولاً بالموجود من نسخ الكتاب ومزاياها وعيوبها، وقد اخترنا خيرها - بناء على وصفه - ورجوناه أن يصورها لنا بالفوتوغراف، ففعل مشكوراً، وقد استعنا في جانب هذه النسخة بجميع نسخ العقد الموجود في دار الكتب المصرية خطة ومطبوعة).
وبعد أن جمعت اللجنة من هذه النسخ تسعاً أخذت في طبع هذا الكتاب، وكان ذلك ف سنة ١٩٤٠، وقد ظهر منه إلى الآن خمسة أجزاء في حوالي ٢٧٠٠ صفحة من أكبر قطع وبقي على ما نظن جزء غير الفهارس.
هذا هو كتاب العقد في حالته البديعة التي أخرجته بها لجنة التأليف والترجمة والنشر ونشرته على الناس بتصحيح فائق، وتنسيق رائق، وطبع جميل وورق صقيل ليكون من كل طالب على حبل الذراع بعد أن ظل قروناً لا يجد من يعني به أو يهتم بأمره على نفاسته وعظم شانه وحاجة الناس إليه. وقد أصبحت هذه الطبعة التي خرجت اليوم بهذه الدقة وهذا الرواء، هي التي يطمئن إليها قلب الأديب ويثق بها فكر الباحث، وما سواها من