للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المسرح الانجليزي. . .)

وقد كان انقلابه فجأة الى هذا المذهب وهذا الادب موضع دهشة، اذ تبادر الى اذهان بعض النقاد ان شكسبير وجده هوالذي اثر في ليسنغ، على ان الاسباب الحقيقة التي ساقته الى هذا الادب كانت اعمق من ذلك. فليسنغ بعد ان درس حق الدرس اخلاق الشعب الالماني وجد ان الماساة الحماسية هي التي تبسط تأثيرها في النفوس. وان المأساة المجردة ينبغي لها ان تهبط درجة الى عالم الحقيقة، وان الكوميديا قد تكون ادنى الى الحقيقة، وهي التي تثير ما تثير من ضحك ومن بكاء.

وفي النهاية انغمس ليسنغ في التأليف المسرحي. فكان في اول امره يترسم اقدام من تاثر بهم من الاقدمين، وهو خلال ذلك لا يترك الجهاد الا استعداداً لجهاد آخر يفتقر الى عنف كثير وصبر كثير، والغاية التي يتطلبها من وراء ذلك عظيمة، لا الا لمثل هذا النوع من الجلاد، فهو يريد ان يخلق اسلوبا جديداً وتفكيراً جديداً، وما زال يدأب ويجهد حتى وفق الى سعيه بعض التوفيق، وضرب لعصره مثلا عاليا للرواية التي تمثل احسن تمثيل صفات قومه واخلاق قومه. وهو - وان لم يبلغ برواياته القمة التي لا تلين خياشيمها الا للعباقرة فقد كاد. . .

ثم طفق ليسنغ يكتب في احدى خلواته مقاطيع من الكتاب الذي خلد اسمه على الدهر في عالم النقد، كتاب] اللاوكون [الذي حشر فيه خلاصة نظراته في التأليف المسرحي. وفيه عالج الشعر وعُني بأسلوبه والوسائل التي ترمي الى إحيائه.

وما هو مذهب ليسنغ في الشعر؟

لقد كانت المدرسة الويسرانية تعتقد أن الشعر إن هو إلا تصوير صامت. والشاعر الألماني (فينجيلمن كان يرد أصول الفن مهما تنوعت فروعها إلى مثل عال واحد تنضوي تحته. وهذا المثل هو العظمة المتجلببة بالسكينة. . . وهذا المثل الأعلى مثله كالبحر العميق يبقى هادئاً مهما تقاذفته قواذف الريح. وحاله حال تصاوير اليونان فهي في أحدى ثوراتها وأهوائها الجامحة تظل مالكة لعظمتها ولنفسها، ومثل هذه الروح يمثلها تمثال (اللاوكون) بوجهه وأعضائه المتصلبة في ساهة الألم العنيف. وقد لام هذا الشاعر الألماني شاعر إيطاليا الكبير (فرجيل) لأنه وصف (اللاوكون) بصورة شعرية خالف فيها الصورة التي

<<  <  ج:
ص:  >  >>