زنكي وفي أيام نور الدين الشهيد، وهي العلاقة القائمة بين التابع والمتبوع. كانت تنكمش أحياناً حتى لا تصبح شيئاً ثم تظهر في ترتيب المملكة وقواعدها ومردُّ ذلك إلى سلطة المتغلبين على الأراضي التي يفتحونها أو يستولون عليها. وبقدر ما يزيد استقلالهم يزيد تمسكهم بتقليد من كانوا هم تابعين لهم في أبهة الملك والسلطنة وأخصها الأعلام وترتيب الجيوش ونظام الإقطاع.
وتبدو هذه التبعية في ثنايا التاريخ غير واضحة تماماً فيما كتبه مؤرخو مصر والشام، ولكن مؤرخي المشرق، أقصد بذلك بغداد وما يليها من الأقاليم يتحدثون عنها في فقرات متباعدة.
ومن قبل هذا ما جاء في ابن الجوزي عن حوادث سنة ٥٣٨ من أن العلاقات ساءت بين السلطان وزنكي، حتى جمع الأول العساكر لقصد الموصل والشام وترددت رسل زنكي (حتى تم الصلح على مائة ألف دينار تحمل في ثوب فحمل ثلاثون ألفاً ثم تقلبت الأحوال فاحتيج إلى مداراة زنكي وسقط المال وقيل بل خرج ابن الأنباري فقبض المال).
ولو شئنا تفصيل هذه العلاقات لخرجنا عن موضوعنا إلى دراسة الإمبراطورية السلجوقية وعلاقاتها مع التابعين لها، ومع ذلك أنقل فقرة لتفسير ما جاء في ابن الجوزي فنحن نعلم أن زنكي وجد ولايته وقد أحدق بها الأعداء والمنازعون من كل جانب. الخليفة المسترشد والسلطان مسعود وأصحاب أرمينية وأعمالها وبيت سكمان وركن الدولة داود صاحب حصن كيفا وابن عمه صاحب مردين ثم الفرنج صاحب دمشق.
ولذلك جاء في أعلام النبلاء نقلا عن الروضتين (أن زنكي كان ينتصف منهم ويغزو كلا منهم في عقر داره ويفتح بلادهم ما عدا السلطان (مسعود السلجوقي) فإنه لا يباشر قصده، بل يحمل أصحاب الأطراف على الخروج عليه فإذا فعلوا عاد السلطان محتاجاً إليه، وطلب منه أن يجمعهم على طاعته) وفي هذا تفسير الحاجة إلى مداراته.
ودليلي على أن الخلافة كانت تنكمش أحياناً فلا تملك من الأمر شيئاً أمام سلطان السلاجقة والمتغلبين وأن سلطان هؤلاء كان ينصرف إلى السيطرة على أراضي الممالك، وهذا ما أجاب به الخليفة سنة ٥٣٠ حينما طالبه زنكي بمال لتجهيز الجند إلى واسط إذ قال (البلاد معكم وليس معي شيئا فاقطعوا البلاد) أي أعيدوا توزيعها.
من هذا يتضح أن الخلافة العباسية أصبحت في ذلك الوقت مظهراً دينياً أكثر من أن تكون