للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

صاحبة قوة وغلبة، وأن شعائرها هي شعائر الخليفة السني العباسي وإن مبادرة السلاطين والملوك إلى الحصول على تقليد الخلافة، كان القصد منه أن يرتكز الملك والفتح على أسس شرعية متفقة مع قواعد الدين: لا الخضوع إلى ملك العباسيين والإقرار بسيادتهم الفعلية.

فنور الدين حينما يرسل صلاح الدين لفتح مصر، يفهم أنه يمد في سلطانه وهذا في حرصه على الاستقلال بمصر لا يجهر بما يبيته في نفسه، بل يحتفظ بمظاهر التبعية في شعار المملكة وترتيبها، كما كان يحرص الأتابكة في الاحتفاظ بمظاهر التبعية لآل سلجق ما دام هؤلاء على شيء من القوة والعظمة، فإذا ضعف السلاجقة أو الأتابكة أخذوا البلاد لأنفسهم وحصلوا على إقرار الخليفة كما حصل من قبلهم آل سلجوق على الملك والسلطنة.

وفي ذلك يقول صاحب صبح الأعشى (واعلم أن الدولة الأيوبية لما طرأت على الدولة الفاطمية وخلفتها في الديار المصرية خالفتها في كثير من ترتيب المملكة وغيرت غالب معالمها وجرت على ما كانت عليه الدولة الأتابكية عماد الدين زنكي ثم ولده الملك العادل نور الدين محمود بالشام).

وألمس أن الأتابكة لم يبتدعوا بل ساروا على سنن السلاجقة في كل ما استحدثوه من أنظمة ثم كانوا حريصين على أن يحتفظوا بمظاهر السلطنة السلجوقية في الأعلام والرايات وأنظمة الجند والإقطاع وغير ذلك. بل كان اتخاذ الأعلام السلجوقية مما يقوي مركزهم ويجعلهم مساوين لأصحاب هذا العلم ثم جاء صلاح الدين فنحى نحوهم واتخذ شعائر السلطنة على أعلامه ابتداء من فتح حلب كما سيأتي.

الأعلام:

حدد صاحب صبح الأعشى هذه الأعلام بقوله (هي عدة رايات منها راية عظيمة من حرير أصفر مطرزة بالذهب عليها ألقاب السلطان واسمه وتسمى العصابة وراية عظيمة في رأسها خصلة من الشعر تسمى الجاليش ورايات صفر صغار وتسمى الصناجق).

والدخول في شرح هذا التقسيم واستعمال كل نوع وأصله مطلب صعب المرتقى، ولكني أكتفي بالإشارة إلى أن استعمال هذه الأعلام كان من عمل الدولة الكبرى أولاً أي من شعائر الدولة السلجوقية قبل أن يستعملها ملوك مصر من الترك أو الأيوبيين أوآل زنكي الذين

<<  <  ج:
ص:  >  >>