يعامل مثلهم، فاتخذ شعارهم وجعل علمه أصفر اللون، وهو علم السلاطين الذين يسيطرون على الأرض، وطمع أن يصل إليه التقليد من خليفة بغداد بإقامته سيداً على الأراضي والممالك التي دانت له.
تراث الدولة السلجوقية:
إنني لا أزعم أن آل سلجوق ابتدعوا كل شيء، بل أقول إن طبيعة الأشياء تحتم أنهم أخذوا ممن تقدمهم أشياء ليس بوسعي تحديدها بواسطة ما لدي من مراجع، وإنما عمل الباحثين سواي موالاة البحث عنها، ولكني أقول أن أثرهم كان كبيراً في ترتيب نظام الممالك التي جاءت من بعدهم: وأقول أن نظام الإقطاع في التاريخ الإسلامي لن يقدّر له البحث العلمي الصحيح بدون أن نلم بأصل هذا النظام في أواسط آسيا ونرجع إلى نشأته الأولى.
وكذلك نظام الجيوش وتعبئتها ومراتبها تأثرت إلى حد كبير بما أدخله السلجوقيون، ولن تقدر قوة دولتي المماليك العسكرية بدون أن نلم بما كانت عليه أنظمة جيوش السلاجقة.
ولم يكن أثرهم قاصراً على مصر والشام بل شمل الجزء الشرقي من العالم الإسلامي وأخذ به ملوك خوارزم من بعدهم (ولما ملك صلاح الدين الديار المصرية جرى على منهجهم أو ما قاربه وجاءت الدولة التركية وقد تنقحت المملكة وترتبت فأخذت في الزيادة وفي تحسين الترتيب وتعضيد الملك وقيام أبهته، ونقلت عن كل مملكة أحسن ما فيها، فسلكت سبيله ونسجت على منواله حتى تهذبت وترتبت أحسن ترتيب وفاقت سائر الممالك وفخر ملكها على سائر الملوك).
وفي ذلك يقول الأستاذ فييت:(إن سلاطين المماليك كانوا الوحيدين الذين نجحوا في تاريخ مصر في تأسيس إمبراطورية ضخمة).
أما تفسير اختيار الراية الصفراء الذي أشار إليه بيبرس في كتابه إلى بومند صاحب طرابلس الشام بقوله (إن رايتنا الصفراء قد علت على رايتكم الحمراء وسادت الأرض) فأرده إلى أواسط آسيا حيث منبت السلاجقة، فقد وجدت في كتاب (تاريخ مدنية الأتراك) تأليف (ضيا كوك ألب) إن الأتراك اتخذوا لعناصر الحياة: الماء والتراب والنار ألواناً: فالسواد للماء والبياض للنار واللون الأصفر للأرض وقال (طوبراغك رنكي صاريدر).
فهل اتخذت الراية الصفراء من القدم شعاراً لسلطان الأرض؟