للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ما اعتزم من التدبير نحو زملائها الأربعة. ويرتب الأمر بعد ذلك على أن يوهمهم أن صاحبتهم قد ماتت، ويتراءى لهم روحها فيهتف بهم أنهم سيلحقون بها عما قريب، ويدبر لكل منهم حادثة يوقن فيها أنه مات، ويرمي به إلى كهف أعد ليكون (جهنم) يأكلون فيه البرسيم والتبن والشعير، ويسامون فيه بعض العذاب، ثم يفزعون برؤية (الزبانية) يتراقصون من حولهم. وأخيراً يبدو لهم الرجل الغني فيقول لهم إنهم ليسوا أمواتاً كما وهموا. بل هم أحياء عنده يعذبون لسوء أعمالهم، ثم يعظهم ويرشدهم ويتلو عليهم الآيات القرآنية والأحاديث النبوية. . . وكنت عندهم في سينما الكورسال وجيت. وأكلت ورك الديك. كما كانوا يقولون لنا في نهاية (الحواديت) ونحن صغار.

تلك هي حكاية فلم (أجازه في جهنم) التي وضعها يوسف جوهر، وقد أخرج الفلم عز الدين ذو الفقار، ومثل الأربعة الأصدقاء حسن فايق وإسماعيل يس وكمال المصري واستفان روستي، ومثل الرجل الغني عباس فارس واسمه في الفلم (أدهم بك) أما الراقصة فهي سامية جمال.

وهو فلم فكاهي كما زعموا، فقد اجتمع فيه جماعة من أبطال التمثيل الفكاهي في مصر؛ ولكن ما هدف الفلم وما موضوعه؟ وهل تكون الفكاهة في الهواء؟ هناك في آخر الفلم يقف أدهم بك على منبر بجهنمه ليبين للمعذبين أن الشرف والاستقامة مع الفقر أحسن مما لجئوا إليه وأنه خير لهم أن يتوبوا ويعودوا إلى أعمالهم الشريفة الأولى. ويذكرني هذا بما كنا نقرأه في كتب المطالعة المدرسية القديمة في ختام كل حكاية: من مثل (والمقصود من هذه الحكاية أن العدو العاقل خير من الصديق الجاهل).

أما حوادث الفلم فلا تعرض إلا الاعوجاج ومجانية الشرف، ولم تعرض عواقب طبيعية لذلك حتى تستخلص العظة من الوقائع وليس مما يقع في الحياة أن يكون جزاء السارق والمحتال في الدنيا عذاب الآخرة. . . فأحداث القصة خلط بين الحياتين لا هدف له إلا الإضحاك؛ وحينما يصل الأمر إلى مجرد الرغبة في الإضحاك يؤدي إلى شيء آخر غير المراد؛ وهو الإشفاق على القائمين بالأمر لإخفاقهم فيما قصدوا إليه. . وتتركز آفة القلم في هذا القصد؛ فقد جعل منتجوه نصب أعينهم أن يخرجوا فلماً فكاهياً فحشدوا أبطال الفكاهة، وأوصوا المؤلف أن يضع لهم قصة تميت من الضحك، فأمات الأبطال وألقى بهم في

<<  <  ج:
ص:  >  >>