للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الجحيم لكي يضحك الناس. واتجه المخرج أيضاً نحو هذه الغاية، فضحى في سبيلها بكل قيمة فنية، وأظهر مناظر الفلم كأنهم في عالم غير عالمنا ولست أدري في أي مكان من القاهرة تقع القهوة التي يغني فيها أحد المغنين فيرميه المستمعون بالحصى والأحجار؟ وكيف يسافر أربعة من الفقراء ذوي الحرف إلى الأقصر في عربة نوم فاخرة بالقطار ولما يسرقوا شيئاً بعد؟ وكيف يجلس رجل في ردهة فندق كبير والناس من حوله وقد خرق الصحيفة التي يتظاهر بقراءتها خرقاً واسعاً ليرقب منه أفراد العصابة الجالسين على كثب منه ويستدعي سكرتيره ليشاركه النظر من الخرق؟ وكيف يتصور الإنسان في فندق فخم أن يكون بالجدران بين الغرف ثقوب يرى منها الناس بعضهم بعضاً؟ هذه أسئلة على سبيل المثال فقط؛ تبين ما في الفلم من (خروق) واسعة وقع فيها من قاموا به، لا لشيء إلا للإضحاك. . . وقد كنا نستطيع أن نضحك تصنعاً من أجل (خاطرهم) لولا أنهم في أثناء العمل به سرحوا الفن ومنحوه (أجازه).

ولا يمنعني ذلك أن أذكر إجادة الممثلين على قدر ما هيئ لهم وفي حدود القالب الذي وضعوا فيه، غير أن (استفان روستي) كان جامد الحركة، قليل التعبير، وكان الفرق واضحاً بينه وبين زملائه الثلاثة، وكان عباس فارس موفقاً في دور (أدهم بك) ولكنه بدا ثقيل الظل في خطابته الأخيرة؛ أما سامية جمال فهي في الفلم فتاة جميلة بارعة الرقص وكفى. . .

وقد صاحب بعض مناظر الفلم، قطع موسيقية جيدة، كالقطعة التي صاحبت إسماعيل يس وهو يندب نفسه حين يتوهم أنه مات، وقد وفق واضع هذه القطعة في تصوير جو المآتم المصرية، وكان إسماعيل يس يوقع عليها ندب نفسه توقيعاً ظريفاً.

يقولان لي:

يقول الأديب عبد العزيز سالم بعد استنكار ما كتبه التابعي عن أسمهان في (آخر ساعة): (وقد مات المراغي كما مات مصطفى عبد الرازق فلم تظفر حياتهما بشيء من تقدير حياة أسمهان، الآن أسمهان أفادت الفن وخدمت الغناء أكثر مما خدم المراغي الدين ومصطفى الأدب والفلسفة؟)

وأقول: لكل صحيفة أو مجلة لونها الخاص، وما كتبه التابعي يلائم لون (آخر ساعة)،

<<  <  ج:
ص:  >  >>