للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الدنمرك، وأسمي الآخر العصر الحجري

وكلما ازداد الفرنسيون تعمقاً في حفرياتهم ازدادوا يقيناً بصحة ترتيب تلك العصور المختلفة وبتغيرات عديدة قد حدثت للمناخ وقتذاك، وعرفوا أنه لم يكن هناك عصر حجري قديم واحد كما ظن السير ايفبري بل جملة عصور متتابعة متناهية في القدم يمتاز كل عصر منها بميزات مختلفة، أمكن انتزاعها من الآثار التي وجدوها. وزاد يقينهم في هذه النظرية تكرار وتماثل ترتيب الطبقات في كل الكهوف التي بحثوها. وقد وجد علماء الانجليز والألمان والطليان والاسبان بدورهم نفس الظواهر والترتيب الذي وجد في كهوف فرنسا.

وهكذا نرى أن الكهوف قد أمدتنا بالمعلومات والحقائق الخاصة بتاريخ الإنسان القديم، وأمكننا تسطير تاريخ دقيق لا عن المدة التي كشفت عنها حفائر الدنمرك فقط، بل عن مدة تتناهى في القدم عن تاريخ قدماء المصريين أو تاريخ بابل القديم. وإنك لتدهش حقاً إذ تعرف أن تلك الحفريات قد كشفت لنا عن ظاهرة ليست غريبة عن عصرنا، وهي مسألة الزي، أو المودة فقد ثبت منها أن مجرد وضع زي خاص لملبس أو زينة في بلد في تلك العصور كان كافياً لانتشاره في العالم القديم أجمع، ولذلك ترى أن أجدادك وأجدادنا الأقدمين كانوا مثلنا عبيداً للزي المتفشي في العصر. ولو أن زيهم كان أثبت قدماً وأطول بقاء من زينا الذي يتغير سريعاً بتغير الفصول والمناسبات.

لنر الآن إلى أي حد تعمق البحث في تاريخ الكهوف القديم. من الشكل رقم ١ يرى القاريء قطاعاً رأسياً في كهف مثلى كملت فيه الطبقات والعصور التي وصل العلماء إلى الكشف عنها. ومنه يمكنه أن يلاحظ أن العصور الثلاثة المعروفة (الحديدي والبرونزي والحجري) تقع في أحدث جهات الكهف كشفاً، ومن بعدها عصر سماه العلماء (لأن الحفريات التي دلت على وجوده عملت بالقرب من قرية , في فرنسا) يجيء بعده عصر سموه (نسبة الى كهف في مقاطعة الدردون) يتبعه عصر سمي (نسبة الى جهة بالقرب من ماسون بفرنسا) فعصر أطلق عليه إسم (نسبة إلى قرية في أعلى الجارون) وآخر هذه العصور عصر أطلق عليه إسم نسبة إلى الكهف في مقاطعة داردوني

وليس هناك أدنى شك في صحة ترتيب العصور السالفة الذكر، لأن الابحاث التي قام بها

<<  <  ج:
ص:  >  >>