العلماء بعد ذلك لم تكشف لنا إلا عن تتابع صورة طبق الأصل لما قد بيناه في هذا المقال. إلا أننا نقف لحظة ونسائل أنفسنا ما هي فترة كل عصر من تلك العصور؟ ومتى بدأ كل عصر منها؟. . ومتى انتهى كل منها؟.
إن السنين المذكورة في شكلنا رقم ١ ما هي إلا عدد تقديري تقريبي غير ثابت تمام الثبوت، وربما كشف لنا العلماء حديثا ما يدفعنا إلى تغيير في هاته الأرقام. لكننا مع ذلك نعلم أن فترة الكهوف قد انتهت بانتهاء عصر الجليد. ولقد استطاع علماء السويد وعلى الأخص البارون دي جير أن يضعوا لنا تقديرا معقولا انتزعوه من آثار عصر الجليد وعرفنا منهم أن عصر الجليد قد بدأ في السويد من مدة ١٢٠٠٠ سنة مضت تقريبا. ونحن إذا قدرنا أن حياة الإنسان في الكهوف قد انتهت من مدة ١٠٠٠٠ سنة أو ٨٠٠٠ قبل الميلاد لأمكننا أن نقرر لأقدم عصر من عصور الكهوف تقديرا غير مبالغ فيه وهو ٤٢٠٠٠ سنة.
ولكي تعلم أيها القاريء أن أقدم عصر من عصور الكهوف هو أهم عصر في هذه العصور جميعا، يكفي أن نخبرك أنه بين طبقات الأرض في هذا العصر قد وجدت بقايا عظام متحجرة لعنصر من عناصر المخلوقات يختلف اختلافا عظيما جدا يبعده عن الصورة التي كان عليها أقدم الأجناس البشرية المعروفة. هذا النوع أو الجنس يعرف باسم انسان النيادرانتال ويمتاز هذا النوع بفرطحة الجمجمة وبروز عظام محاجر العين. كان رجاله ونساؤه ذوي قامات محدودبة يعتمدون كما تعتمد القردة على أيديهم في المشي.
وقد بدأ هذا النوع من أنواع الإنسان القديم يظهر واضحا جليا بآثاره ومخلفاته في أواخر أقدم عصر من العصور التي ذكرناها مستر يان.
ومن الآثار والمخلفات التي وجدت في الكهوف القديمة في جميع أنحاء العالم أمكن تتبع حياة الإنسان لمدة تنيف عن ٤٠٠٠٠ سنة في وقت كانت فيه أوروبا مسكونة بعنصر من العناصر الانسانية يختلف اختلافا بينا عن العنصر الذي نحن منه. عنصر أطلقنا عليه كما سلف وثبت أن أوربا كان سيكنها في العصر القديم الذي أطلقنا عليه اسم عنصر من الإنسان النياندرتال.
وبرغم أن الإنسان الذي وجدت آثاره كان فطريا أقرب في حياته الى الحيوانية فانه كان