درت بأني عاشق لاسمها ... لم ترد للغيظ أن تذكره
قالت: إذا أبصره ثانياً ... قبَّله، والله لا أَبصره
وللمعتمد شعر بعث به إلى أبيه تلمس فيه ما كان يحمله الفتى الأمير لوالده من إكبار وإجلال، فهو حيناً يمدحه إلى التفرد بالمجد والسيادة إذ يقول له:
ألا يا مليكا ظل في الخطب مفزعا ... ويا واحداً قد فاق ذا الخلق أجمعا
وحيناً يرسل إليه يسأله بعض نعمه، كما كتب إليه يطلب مجنا، وحيناً يشكره على كثرة ما أولى وأنعم، ومن ذلك أن أباه أرسل إليه فرساً أصدأ، فكتب إليه المعتمد:
نوال جزيل ينهر الشكر والحمدا ... وصنع جميل يوجب النصح والودا
لقد جدت بالطِّرف الذي لو أباعه ... بذلت ولم أغبن به العيشة الرغدا
جواد أتاني من جواد تطابقا ... فيا كرم المهدي ويا كرم المهدى
وكم من أيدٍ أوليت موقعها نَدٍ ... لدى، ولكن أين موضع ذا الأصدى
لعلي يوماً أن أوفي حقه ... فأنعله ممن عصى أمرك الخدا
فإذا ما غضب الوالد على الأمير وجد هذا من شعره وسيلة يستل بها هذا الغضب. ولعل أكبر قصيدة في الديوان تلك التي بعث إليه بها، وقد خرج من مالقة منهزماً أمام باديس، وقد تصرف في هذه القصيدة تصرفاً بارعاً، فبدأها بالحديث إلى نفسه، يطلب منها أن تهدأ وتستقر، إذ لا فائدة في البكاء، ولا خير يرجى من الحزن والألم، ما دام القدر قد عاق عن بلوغ الأمل فيقول:
سكن فؤادك لا تذهب بك الفكر ... ماذا يعيد عليك البث والحذر
ثم ينتقل انتقالا طبيعياً إلى مدح والده مدحاً رائعاً قويا بدأه بقوله:
سميدع يهب الآلاف مبتدئاً ... ويستقل عطاياه ويعتذر
ويمزج المدح بالاعتذار إليه، طالباً منه أن يبقي عليه ولا يوهنه فهو العدة في حوادث الدهر، وهو الناب والظفر وقت الشدة. ويظهر مما وصف به المعتمد نفسه، معتذراً إلى والده حين يقول:
فالنفس جازعة، والعين دامعة ... والصوت منخفض، والطرف منكسر
وزاد همي ما بالجسم من سقم ... وشبت رأساً، ولم يبلغني الكبر