للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني الطعام، نستطيع تفسيره تفسيراً صحيحاً بمصطلحات من الرسائل العصبية والانعكاسات. فلماذا إذاً لا نعزو كل فعل نفسره بالذكاء إلى انعكاسات محضة على قدر كبير من التعقد؟ ذلك كان موضوع بحث بافلوف، وهذا سبب أهمية آرائه.

جعل بافلوف يجري الاختبارات على الحيوانات ويبحث هو وأتباعه في نشاط الانعكاسات وموقعها من السلوك. وبذلك حصل على معلومات قيمة. واستطاع بتنشيط بعض الانعكاسات على بعضها الآخر وضع الكلب في حالات من النوم والتنويم والنورستانيا.

وعلى ذلك فسلوك الكلب أثناء هذه التجارب يستطاع وصفه بأنه من تدبير الانعكاسات. وتلك نتيجة غريبة!!

كان بافلوف من رجال العلم الذين يؤمنون بأن رفاهية العالم وسلامته، ورقي الإنسان وتقدمه، لا تتوفر إلا عن طريق العلم. ولذلك كان يدعو إلى ذلك في محاضرات، وكانت أهمها تلك التي يقول فيها (إني مقتنع تمام الاقتناع أننا سنجد في هذا الطريق - أي طريق العلم - أن العقل البشري قد انتصر انتصاراً تاماً على أعظم معضلاته، وهو معرفة التركيب الآلي وقوانين طبيعة البشر. وبهذا فقط يستطيع الإنسان أن يحقق لنفسه سعادة دائمة كاملة. دع العقل يسمو من نصر إلى نصر على الطبيعة المحيطة به، دعه ينتصر للحياة البشرية، لا على سطح الأرض فحسب، بل بين أعماق البحار، بل وفوق أجواز الفضاء. دعه يسخر لخدماته نشاطاً فائقاً يفيض على العالم من بقعة إلى أخرى. دعه يسيطر على السماء حتى تنتقل أفكاره. ومع ذلك، فالمخلوق الحي ذاته، ذلك الذي ينقاد بقوى حالكة إلى الحروب والثورات وما فيها من شرور، ينتج لنفسه من وسائل الدمار ما يجعله يرتد إلى الحياة البهيمية، ويقاسي من الآلام ما يجل عن الوصف. العلم الصحيح الدقيق في طبيعة البشر ذاتها، هو الذي سينقذه من ظلامه الحالي، ويطهره من عاره على سطح الأرض المعمورة)

ولد بافلوف في مقاطعة زيازان بروسيا. وتلقى العلم في بطرسبرج. وكان والده كاهناً ريفياً، وأقاربه مشهورين بأنهم محاربون من الطراز الأول. ولذلك كان بافلوف يهوى فلاحة البساتين والملاكمة وغيرها من الألعاب الرياضية التي تحافظ على قوة عضلاته. فقد كانت شيئاً ضرورياً له في الجراحة التي كان بارزاً فيها. وكان دقيقاً في مواعيد عمله، وأوقات

<<  <  ج:
ص:  >  >>