قادراً على أجرة خادم، بل لا يجب عليها إرضاع ولدها إن كان في مكنة الزوج أن يأتي لولده بمرضع.
هذا موضوع يتسع فيه مجال القول، ولكنه ليس من قصدنا في هذا المقال.
ولا ننكر أن هذه الشريعة العادلة، وهذه السنة الكريمة، غطى عليها الجهل في أوطان وأزمان، كما غطى على حقوق كثيرة للجماعات، وأن المرأة ظُلمت وما تزال مظلومة في بعض البلدان أو بعض الطوائف، وأن علينا أن نأخذ بيدها وندفع عنها ونرد إليها كرامتها ومكانتها، ونعترف بسلطانها في الأسرة، ويدها على الأمة.
خلصنا من هذه المقدمات إلى أن الخصومة في قضايا المرأة ليست خصومة بين الرجال والنساء، وأن المخالفين في هذه القضايا لا يغضون من قدر المرأة، بل يعظمونها ويحرصون على كرامتها وسعادتها، وإن أحداً لا ينكر أن للمرأة حقوقاً على الجماعة يجب أن تؤدَّي إليها، وفضلاً على الأمة يجب أن يُعترف به.
بعد هذه المقدمات يضيق مجال الخلاف، ويُحد موضع النزاع، ويستبين الطريق. علام الخلاف إذاً بين المختلفين؟ وفيم الخصومة بين المختصمين؟ الخلاف كله أو جله في هذه القضية:
يقول قائلون وقائلات:(إن مكان المرأة دارها، ومملكتها أسرتها، ومعقلها بيتها، وعملها القيام على العش وإسعاد نفسها وزوجها وأولادها فيه، لا تتجاوز هذه المملكة أو تهملها إلا معتديةً ظالمةً، ولا تُخرج منها أو تُقهر فيها إلا معتدىً عليها مظلومة).
وتقول جماعة أخرى:(بل للمرأة السوق، والمصنع، والمنصِب، ومُعترك السياسة، والمقهى والملهى والمرقص وما وراء هذه. . . ولها أن تزاحم الرجل بالمَنكِب في كل مُزدحم، وأن تغالبه في كل معترك).
فتقول الجماعة الأولى: مَن للبيت إذاً؟ من للأسرة؟ من يربي الأولاد وينشِّئ النشء، ويقوم على هذه المدرسة أو المعبد أو الجنة التي ذكرنا آنفاً؟ إلى من يسكن الزوج المرهق حين يفر إلى داره من ضوضاء الأسواق ومعترك العيش؟ وبمن يعتصم الناشئ حين يأوي إلى بيته؟ وأية يد رحيمة - غيرَ يد المرآة - تُطعم وتُسقي، وتُفرش وتُنيم؟ وأي قلب غير قلبها يسع الرأفة والرحمة والحب والود، ويُشيع النظام والجمال في الدار؟ من غيرها يَطب