السماء والأرض فينقلب إليه البصر خاسئاً وهو حسير، ثم إذا يوقظ بسكرته عيني الشاعر الحالمتين، ليطلعه على جمال الوجود، ويسبِّح معه للإله المعبود، ويبرهن له على عقيدة (الخلود).
وما يبرح لامرتين خالعاً على روحه شخص حبيبته، ليستدل في هذا الجو العاطفي على الإيمان بالله، مهاجماً من طرْف خفي الفلاسفة الأبيقوريين والماديين الذين ينفون خلود الروح.
وكأني بالشاعر - في إصاخته لصوْت الغريزة ورفضه البراهين المنطقية - يريد أن يطوي في غضون شعره مذهبه في تمثل الإيمان وتعقل معانيه. . . فليدع تلك المناقشات البيزنطية العقيمة، وتلك البراهين الجدلية السقيمة، ولينطق في نفس الإنسان لسان حاله إذا ما تأمل معبد الطبيعة القدسي، وسمع ألحان الأرض والسماء حتى استنارت بصيرته بما رأى بصره، فتجلت له حقيقة الإيمان.
ألا وإن هذه الحقيقة السامية لتسبيحه خالدة طالما تمتم بها روح الشاعر، فأيقظه من سباته، وبعثه من مرقده.