فأنت ترى التناسب بين الهلال والدجنة. وحينما يفصل التشبيه في الغزل زيادة في بعث اللذة بتصوير من يحب حين يقول:
يا هلالا حسن خد، يا رشا ... غنج لحظ، يا قضيباً لين قد
ولا يتخذ المعتمد الغزل مقدمة لقصائد مدحه لأبيه، كما كان يفعل الشعراء السابقون.
ويميل المعتمد إلى الجمال الطبيعي في شعره، فقل أن يلجأ إلى الصناعة. وإن كنت لا تعدم أن ترى هنا جناساً، وهناك طباقاً وهنالك لفاً ونشراً، وغيرها، ولكنه مع ذلك يحسن الصوغ، فلا تحس بنبوّ ولا قلق، وإن كنت لا أنكر أثر الكلفة في قوله، يدعو بعض زملائه إلى الشراب:
أيها الصاحب الذي فارقت عي - ني ونفسي منه السنا والسناء
نحن في المجلس الذي يهب الرا - حة والمسمع الغنا والغناء
نتعاطى التي تنسيك في اللذ - ة والرقة الهوى والهواء
فأنه تلف راحة ومحيا ... قد أعد لك الحيا والحياء
وزادت الصناعة من جمال قوله يتحدث عن قمرية تنوح:
وناحت وباحت واستراحت بسرها ... وما نطقت حرفاً يبوح به سر
ولم تغض الصناعة من جمال مقطوعته الغزلية التي جعل في أول كل بيت منها حرفاً من حروف زوجه اعتماد.
والمعتمد دقيق ذو ذوق مرهف في اختيار ألفاظه التي توحي إلى القارئ بخاطره. وخذ مثلاً لذلك كلمة الأوار التي توحي إليك بلهيب النار وقد دل بها على نيران المعركة، وكلمة شخيص المصغرة وهي توحي بضآلة جسم ابنه أبى هاشم، وهذا في البيتين اللذين أوردناهما في معركة الزلاقة، وتأمل كلمة (مسيحا) في قوله يسترضي أباه:
سخطك قد زادني سقاما ... فابعث إلى الرضى مسيحا
لترى ما توحي به إلى نفسك من مقدرة المسيح على الإبراء، وما في الكلمة نفسها من دلالة على مسح آثار الداء، وهو يصف الليل باعتكار، ويضيف الوسواس للحلي، ويصف النَّفَس بالنرجس في قوله:
فلاقتك بالنفَس النرجسي ... ولاقتك بالملبس المسجدي