الغابر، وأثراً من آثار عظمته وسلطانه، وأما ابن عبد الصمد فإنه مضى إلى قبر المعتمد بعد صلاة العيد مع ملأ من الناس يتوجعون له ويترحمون عليه ثم أنشد قصيدة طويلة أرلها:
ملك الملوك أسامع فأنادي ... أم قد عدتك عن السماع عوادي
لما خلت منك القصور فلم تكن ... فيها كما قد كنت في الأعياد
أقبلت في هذا الثرى لك خاضعاً ... وتخذت قبرك موضع الإنشاد
وخر يبكي، وبعفر وجهه في تراب قبره.
- ٤ -
أهم ما يتصف به شعر المعتمد الوضوح الذي يدل على وضوح التجربة لدى الشاعر، فلا تعثر في شعره علىغموض ولا التواء. ومما ساعد على هذا الوضوح الوحدة في شعره؛ فكل مقطوعة أو قصيدة تتحدث عن خاطر من نفس المعتمد، وتتضافر الأبيات في إيضاح هذا الخاطر وتسير في اتساق ونظام.
وكثير من شعره في عهد الإمارة والملك مقطوعات تدل على انفعال يكفي هذا القدر في تصويره، مع قدرة المعتمد على الإطالة إذا أراد.
أما موسيقاه فمناسبة لهذه الانفعالات، ولذا ترى أكثر أوزان الغزل مطربة سارة سريعة كقوله:
يا بديع الحسن والإح ... سان، يا بدر الدياجي
يا غزالاً صاد مني ... بالطلا ليث الهياج
قد غنينا بسنا وجـ ... ك عن ضوء السراج
وترى شعره في الأسر يلتزم البحور الطويلة التي تدل على التأمل والأناة لا على الثورة والجموح. وليس في شعره في هذا العهد موسيقى تشعر بالسرعة إلا قطعته التي قالها في أثر ثورة ابنه عبد الجبار؛ فهي من المتقارب السريع الحركة؛ لأنها تعبر عن انفعال سريع، وحركة تضطرم في صدره، كما اختار البحور الطويلة لذلك في رثائه.
وتشبيهات المعتمد مألوفة، ولكن يزينها ما يضفيه على الشعر من تناسب كقوله:
يا هلالا، إذ بدا لي تجلت ... عن فؤادي دجنة الكربات