إليها هو لا تفيده. فمثلاً استند إلى البستاني الذي قال (ولما استولى الاسكندر على بابل كانت خربة بالنسبة إلى حالتها الأولى فعزم على إعادة بنائها وجعلها عاصمة لمملكته في آسيا، غير أن المنية أدركته قبل إنفاذ مقصده) هذه الجملة ليس فقط لا تقيد أن الاسكندر لم يمت في بابل، بل ترجح بالعكس أنه مات فيها. وكون المنية أدركته قبل إعادة بنائها وجعلها عاصمة لمملكته في آسيا لا ينفي وجوده وموته فيها بعد تجديد بنائها وتعميرها. لأن اسكندر لما رأى الخراب عم مدينة بابل أمر ٢٠ ألفا من جنوده برفع أنقاض العمارات المتخربة ورفع أنقاض معبد بابل ثم البدء فوراً بترميم ما تخرب من المدينة وتعميرها وتجميلها لتكون مقراً له؛ وجعل تنفيذ هذه الأعمال تحت إشراف حاكم بابل، ثم أمر بحفر ترعة على مقربة من بابل. فما قاله البستاني صحيح في بعضه وغير صحيح في كله.
ثم يقول الأستاذ كاظم إن (المسعودي لم يتحقق تماماً من المكان الذي مات فيه الاسكندر، وأنه ذكر في ذلك أقوالا ثلاثة لم يرد فيها اسم بابل) وهذا استدلال غير منتج أيضاً.
على أن من القرائن الواضحة - علاوة على أقوال وتحقيق المؤرخين الذين ذكرتهم - على أن الاسكندر توفى في بابل أن جميع المؤرخين رووا أنه قبل دخول الاسكندر مدينة بابل حذره المنجمون من دخولها وقالوا له إذا دخلت بابل كان دخولك وبالا عليك، فلم يحفل الاسكندر بتحذيرهم ودخلها فكانت وفاته فيها في يوم ١١ يونيه سنة ٣٢٣ قبل الميلاد. ومن القرائن أيضاً أنه عقب وفاة الاسكندر نودي بابنه ملكاً في مدينة بابل نفسها خلفاً لأبيه. فإن كان الاسكندر مات في ديار ربيعة أو في العراق بناء على أن بابل كانت خراباً يباباً لما نودي بابن الاسكندر ملكاً في بابل
أما قولي بأن تابوت الاسكندر لم يعرف له مقر حتى الآن فتؤيده الأبحاث والحفريات والتحقيقات الجارية حتى الآن. كما يؤيده مضى ٢٣٠٠ سنة على وفاة الاسكندر وعدم العثور على تابوته حتى الآن. وإن كان الأستاذ كاظم يعرف أين مقر هذا التابوت فليرشدنا ليكون له شكر جميع المؤرخين في العالمين القديم والحديث.
أما ما صرح به المسعودي من أن الاسكندر (عهد إلى ولي عهد بطليموس أن يحمل تابوته إلى والدته بالإسكندرية) فقول بعيد عن الحقيقة بُعد الأرض عن السماء؛ لأن إقامة الاسكندر في مصر لم تطل أكثر من ستة شهور ما كانت تكفي وما كانت تستحق سفر أمه من بيللا