منهن في غابر الأيام. . . وكان نصيبهم جميعاً الرفض!
في ذلك المساء قدمتنا كبرى الأخوات الثلاث إلى مادلين وأسرتها الصغيرة. . . أما أبوها فكان رجلاً، مسناً، في فمه أسنان صناعية، وعلى عينيه منظار غائم لا تكاد ترى عينيه من ورائه. أما الأخ فكان شاباً ظريفاً لما ينته من دراسة الطب. أما هي - مادلين - فقد بدت فتاة في الربيع الخامس والعشرين من عمرها، نحيلة، سمراء، في عينيها لهيب قاتم، وفي خصلات شعرها الأسود المهدل فن وعبقرية.
كانت الصورة الأولى التي وعتها لها ذاكرتي هي تلك، وكانت أذاك في ثوب بنفسجي اللون، يزيد لهب عينيها قتامة وسحراً. كانت مرحة كثيرة الضحك، وكان أول ما فعلته أن دعتني إليها - وكنت إذاك في السادسة من العمر - فقالت لي: ما اسمك؟) وحاولت أن أجيب. . . ولكن قبلتها كوت فمي وخدي، وأرسلتني أعدو إلى أمي في تعثر وخجل!. .
وسرعان ما اتصل الود بين مادلين وبين أمي، فكانتا تشتركان في كل أمر من الأمور. . . كنت تراهما معاً طيلة الوقت في المطبخ، أو أما ماكينة الخياطة، أو في الخارج تبتاعان شيئاً. . . إلى آخر هذا كله!.
واتصل الود أكثر من هذا بيني - أنا الصغير - وبين مادلين. كانت دائماً تدخر لي جانباً من الحلوى، وكانت دائماً تستقل هي بعمل ما أحتاج إليه من قطع الملابس الصغيرة، وكانت في كثير من الأحيان تصحبني معها إلى الخارج. . . ومن قبل ومن بعد كانت تحيطني بساعديها وتضمني إلى صدرها الحار لتغمرني بقبلات لا عداد لها. . . قبلات محمومة والهة أشعر أنا الصغير بأنها تختلف كثيراً عن قبلات أمي وسائر من بالمنزل. . .
أما من ناحيتي، فقد كنت أحب كثيراً أن تقبلني، وأن أملأ خياشيمي الصغيرة بعطر البنفسج الذي يفوح دائماً من شعرها الحالك. وكنت أحب أن ألوذ بغرفتها التي كانت غالباً ما تخلو من الأب والأخ. . . وهناك أطل من نافذة كبيرة على سطح دار مجاورة - كانت على ذلك السطح بقايا لعب ملونة، وأصص صغيرة في كل واحدة منها زهرة حمراء!.
. . . إلى أن كان ذلك اليوم الذي رأتني فيه أمي بين ذراعي مادلين وهي تقبلني تلك القبلات المحمومة، فدعتني إلى غرفتنا بعيداً عن أنظارها، ثم عبست في وجهي وحذرتني قائلة: لا تدعها تقبلك مرة ثانية. . أفاهم أنت؟ لا تذهب إليها إن دعتك. . إياك! وعرتني