الجميع حتى لكأنك فتاة مقبلة على الزواج! ماذا قلت! سامحيني. . فربما أكون قد مسست شعورك! لا أنكر أني تساءلت طويلاً. . . لم بقيت دون زواج حتى ذلك الوقت؟ لو كنت زوجة آنذاك وكان لك أطفال، لما أفرغت عليَّ كل هذا الحب، ولما تركت في حياتي ذلك الأثر العميق!. . . ثم كان يا مادلين أن حملوا إلينا ذلك النبأ السيء، حملته إلينا جارة تمت إليك بصلة قرابة، قالت إنك شغفت بالقصص وأدمنّها إدماناً شديداً - وجدك أخوك ذات يوم نائمة وعلى صدرك قصة حب ضممت عليها راحتيك. . . فما كان منه إلا أن جذبها منك في عنف وهو يصرخ بك: استيقظي! كانت حماقة منه كلفتك أعصابك. لقد دهتك نوبة حادة انتهت بذلك (الشلل) الذي أصاب إحدى يديك! أواه يا مادلين! قالوا إنك بت ضحية للسقم والعلة، وإنك تذوين كغصن في طريقة إلى الخلف. كان من سخف الأيام أن منعتنا زيارتك في ذلك الوقت، وأن شهوراً مرت فكدنا ننسى أمرك كل النسيان.
وفي يوم سعيد - أحد أيام العيد الثلاثة - كانت ساحة البيعة في أوج زينتها، تموج بالناس رجالاً ونساء، شيوخاً وأطفالاً، وكان هناك حلقة منهم تحت شجرة (اللالوب) الضخمة في ظل البرج الكبير، وفي وسط الحلقة شاب ظريف يقوم ببعض الألعاب ليضحك الناس. لمحتك فجأة، وأنا على حافة الجدار مع ثلة من الرفاق، مع فتاة أخرى في ناحية من المكان. لم أكد أعرفك يا مادلين، لكنني أحسست أنه لا بد أن تكوني أنت، فوثبت إلى الأرض دون أن أعي، ورخت أخترق جموع الناس وقلبي يدق في خبل!
آه، كم كنت جميلة في ذلك اليوم يا مادلين! كنت في معطف من الصوف أحمر اللون، وكان على رأسك قلنسوة بديعة حمراء أيضاً، وكنت كأحسن ما تكون الفتاة صحة وجمالاً. لم تبخلي على بقبلة صغيرة في خدي، ولكن ترقرقت في عينيك آنذاك دموع الفرح والسعادة؟ لقد رأتك أمي في تلك الساعة فأقبلت عليك تحييك في شوق واهتمام. . وأي اهتمام! لقد أثرت يا حبيبتي يومها حسد النساء وألهبت قلوب الرجال - وصدقي أنني فرحت لك كل الفرح إذ قالوا إنك ستتزوجين. . . أخيراً!
ستجدين إذن من تفرغين عليه ذلك الحنان المكبوت، وسيروي حقلك الظامئ أيضاً بفيض من الحب والرعاية. . لكن جاء ذلك اليوم المشئوم. . بعد شهر من الزمن. . اهتز البرج الكبير في الصباح، ودق الجرس الضخم في أعلاه دقات متقطعة رهيبة!