يراها الإجلال والإكرام والأدب والحياء. وكثيرا رأينا هؤلاء عامدات إلى مسجد أو كنيسة معهن أولادهن، كأنما هن في معبد على الطريق إلى المعبد. فكذلك نريد النساء.
وعلى ذكر المساجد والكنائس نقول: هؤلاء الداعون والداعيات إلى ارتياد كل موطن، وغشيان كل مجمع، والمزاحمة في كل مضيق - لماذا لا يدعون إلى حق النساء في المساجد؟ لماذا لا يطالبن بأن يغشين المساجد مشاركات للرجال أو منفردات، ليصلين ويستمعن إلى المواعظ بل ليعلم بعضهن بعضاً من علوم الدين والدنيا؟ لماذا لا يطالب بأن يكون للنساء مدرسة دينية لتخرج عالمات في الفقه والحديث والتفسير وآداب الدين؟ لماذا تتوجه الدعوة وجهة واحدة؟ ولماذا تذكر الحقوق في جانب وتنسى في جانب؟ أليس الأمر محاكاة وتقليداً أو إيثارا للدعوى المدوية.
هذا فصل المقال بيننا وبينكم أيها المجادلون: تريدون خروج المرأة عن طبعها، وهجرانها دارها، وابتذالها في الأسواق والمجامع؛ ونريد لها الحياة على طبيعتها، والاعتصام بدارها، والصيانة والكرامة في كل سبيل، وكل مكان، وعلى كل حال.
قال الفريق الأول: إن دعواكم ينقض بعضها بعضاً، ويكذب آخرها أولها. تقولون لا نضيق على المرأة ولا نحجبها ولا نمنعها غِشِيان المجامع، وتقولون أن عملها في دارها، لا نخرجها منها إلا لضرورات، وتحرمون عليها العمل في المصانع وتولي المناصب، بل كل عمل خارج البيت، وهذا التهاتر في أقوالكم هو صورة الاضطراب في أفكاركم، وتزلزل الأدلة وراء دعاويكم.
ويقول الفريق الثاني: لو فقهتم ما قدمنا، وبلغتم غور ما أسلفنا، لم ترمونا بالتناقض في القول والاضطراب في الفكر.
إن الكلمة الجامعة في رأينا أن المرأة للدار، ويحرم الدار تدبيرها محرم عليها إلا ما اضطرتها إليها الضرورات، والضرورة شر ينبغي دفعه، وفساد في الجماعة يجب إصلاحه. وللمرأة أن تتولى كل عمل يلائمها ولا يقطعها عن أسرتها، ولا يخل بشؤون بيتها، ولا يحرم أولادها تربيتها ورعايتها، ولا يسلب زوجها إيناسها وإسعادها، والأعمال التي على هذا الشرط كثيرة.
للنساء مجال فسيح في أعمال البر والرحمة من تربية الأيتام، والقيام لهم مقام الآباء