للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دار الباشا، وأصررت أنت وأصرت هي، ثم فزعت عنك إلى أبيها وفي قلبها أسى يتضرم وفي عينيها عبرات تترقرق.

وعجب البك أن يرى ابنته تنطوي عن زوجها وتهرب من لقياه، وعلى وجهها أثر الحزن وفي عينيها اثر البكاء، فجلس إليها يريد أن يهدئ من ثورتها وأن يمسح على أتراحها بقبلة الرفيق، فأجهشت للبكاء وهي تقص قصة زوجها الفيلسوف الذي لبس القبعة حيناً من الزمان وهو يدفعها إلى الهاوية مرة بعد مرة ثم يسوقها إلى دار الباشا الداعر لتنزل هناك عن كرامتها وتتخلى عن شرفها.

وثار البك لما سمع ثورة قذفت بالفيلسوف العبقري، صاحب القبعة، إلى خارج الدار بعد أن سامه الاحتقار والمهانة، قذفت به إلى خارج الدار لأنه حين لبس القبعة نبذ المعاني السامية للدين والوطن و. . .

وأصابتني الدهشة حين رأيتك - يا صاحب القبعة - تنصرف عن دار البك فلا تزورها وتنفر من زوجك فلا تلقاها، فذهبت أستوضحك الأمر فزورت كلاماً يمتهن عقل الفتاة المصرية ويضع من قدرها ويحط من خطرها، ويتهمها بالرجعية والجمود. فما انطلى على الزور، وأنا أعرف أنك استنزفت كل ما ادخرت في سني حياتك لتهيئ داراً أنيقة تستقبل فيها عروسك الجميلة ولتخلق من نفسك رجلا أنيقا جذاباً ولتغمر فتاتك بالهدايا الثمينة الخلابة. فعلت كل ذلك وأنت كز الجبلة شحيح الكف ضغين بالمال. فيا ليت شعري هل حملت نفسك ما لا تطيق لترضى سعادة البك ولتخدع الفتاة عن نفسها؟

آه، يا صاحب القبعة، لقد خسرت مالك وشرفك لأنك رفضت أن تكون مصرياً يتمسك بالمعاني السامية للدين والوطن و.

كامل محمود حبيب

<<  <  ج:
ص:  >  >>