وقف على الأشعار، ووقف على دواوين هؤلاء الثلاثة علم ما أشرت إليه، ولا ينبغي أن يوقف مع شعر امريء القيس وزهير والنابغة والأعشى فإن كلا من أولئك أجاد في معنى اختص به حتى قيل في وصفهم: امرؤ القيس إذا ركب، والنابغة إذا رهب. وزهير إذا رغب، والأعشى إذا شرب. وأما الفرزدق وجرير والأخطل فإنهم أجادوا في كل ما أتوا به من المعاني المختلفة. وأشعر منهم عندي الثلاثة المتأخرون وهم أبو تمام، وأبو عبادة البحتري، وأبو الطيب المتنبي؛ فإن هؤلاء الثلاثة لا يدانيهم مدان في طبقة الشعراء، أما أبو تمام وأبو الطيب فربا المعاني، وأما أبو عبادة فرب الألفاظ في ديباجتها وسبكها). وهو في هذا الفصل من كتابه يورد آراء بعض الناقدين في الشعراء ويناقشها كعادته.
ومع تعصب ابن الأثير للعربية، يقر بفضل العجم فيما أتوه من المقدرة على الإطالة المفرطة في الشعر، (فإن شاعرهم يذكر كتاباً مصنفاً من أوله إلى آخره شعراً، وهو شرح قصص وأحوال، ويكون مع ذلك في غاية الفصاحة والبلاغة في لغة القوم كما فعل الفردوسي في نظم الكتاب المعروف بشاه نامه، وهو ستون ألف بيت من الشعر، يشتمل على تاريخ الفرس، وهو قرآن القوم، وقد أجمع فصحاؤهم على أنه ليس في لغتهم أفصح منه، وهذا لا يوجد في اللغة العربية على اتساعها، وتشعب فنونها وأغراضها، وعلى أن لغة العجم بالنسبة إليها كقطرة من بحر).
وألف ابن الأثير كتباً بعضها لم أعثر عليه.
١ - كتابه في السرقات الشعرية الذي حدثنا عنه في المثل السائر.
٢ - كتاب كنز البلاغة الذي أشار إليه السبكي في شرحه على التلخيص.
٣ - كتاب مختارات اختار فيه من شعر أبي تمام والبحتري وديك الجن والمتنبي، قال عنه ابن خلكان:(وهو في مجلد كبير، وحفظه مفيد)، وقال أبو البركات بن المستوفي في تاريخ إريل: نقلت من خطه في آخر هذا الكتاب المختار ما مثاله:
تمتع به علقاً نفيساً فإنه اختيار ... بصير بالأمور حكيم
أطاعته أنواع البلاغة فاهتدى ... إلى الشعر من نهج إليه قويم
٤ - كتاب المعاني المخترعة في صناعة الإنشاء.
٥ - الكتاب المرصع في الأدبيات، وقد طبع في القسطنطينية سنة ١٣٠٤.