خط التمثيل للواقع المحس عن طريق النماذج النفسية والبشرية، والخط الثالث هو خط تحديد الزاوية التي تلائم بين الفكرة التصويرية والنموذج النفسي، والخط الرابع هو خط امتداد نقط الارتكاز الفنية في ثنايا العرض، والخط الخامس هو خط التقاء العناصر الرئيسية التي تكون الهيكل الأخير للقصة الكاملة. . . هذه الخطوط التي تبرز التصميم الفني العام للقصة، أو هذه الخيوط التي تنسج الثوب الفني العام للقصة، قد توفرت منها أشياء في (أشواق)، وتوفرت منها أشياء أخرى في (نيران وثلوج)، وتوفر منها الكثير في (كلهن نساء). هناك في (عودة الماضي) و (أنانية) و (الخطيئة الطاهرة) و (لعنة الحب) و (القصاص) و (دموع في الكونتننتال)!. . . إن هذا الترتيب الذي نراه هنا قد أمته على أساس من الصدق الفني أولاً، وعلى أساس من الصدق الشعوري ثانياً، وأخيراً على مدار اللمعات الفكرية والنفسية فيما حدثتك عنه من خطوط القصة.
بعد هذا أقدم إليك قصة من قصص هذه المجموعة هي (عودة الماضي). . . هذه القصة في رأيي من القصص التي تعرض لك موهبة الأستاذ إدريس خير عرض، وتصور ملكته القاصة أكمل تصوير، وتطلعك على نموذج قصصي ناضج يشير إلى فنه ويدل عليه. إنها قصة الحب بين فتى وفتاة، الحب القوي الجارف الذي يجمع في النهاية بين قلبين تحت ظل وريف من الرباط المقدس وتمضي الأيام وتصبح الفتاة امرأة ويصبح الفتى رجلاً ويتخطى كلاهما دور الشباب! ويبقى الحب بين الزوجين ما بقى الوفاء المتبادل والبيت الآمن والأبناء الأحباء. ولكن القدر يضرب ضربته ليتصدع البناء ويتفرق الشمل ويتناثر عقد السعادة حبات من دموع! ستة عشر عاماً ذاق فيها العش الجميل الهادئ ما ذاق من ألوان البهجة وضروب النعيم، ثم ختمت أيامه بأبشع ما يتلقاه الأحياء من معاني الألم والحسرة والعذاب. . . لقد عصفت ريح الغواية بوفاء الزوجة المخلصة فنبذت منطق العقل وانقادت لمنطق العاطفة، وفي سبيل حبها الجديد نسيت الزوج والبيت والولد، وهذا الماضي الأثير بكل ما فيه من ذكريات! ولم يكن الشيطان الذي طرق أبواب الجنة غير أخ تجمع بينه وبين أخيه رابطة الدم وينتهي الأمر بالزوجة الوفية إلى أن تمل السير في طريق الشباب الآفل لتنحرف إلى طريق الشباب المقيم، ولا بد من جمرة تشع تحت الرماد لتلهب الضمير الذي مات. . وفي رسالة يتلقاها الزوج من شريكة حياته تقع عيناه على