التي كانت تسود الجزيرة العربية في القرن السابع بعد الميلاد. ولم أجد بين المؤرخين أيضاً من يقدر أن يقول: لو لم يبعث النبي محمد (صلعم) لكان من الطبيعي أن يستعاض عنه بشخص يقوم بنفس المهام التي اضطلع بها. ويستمر السر (أومان) في بحثه عن النبي محمد (صلعم) فيقول: (منذ القرن الثاني للميلاد حتى أواخر القرن التاسع عشر وجد عدد من الأنبياء أو الذين حاولوا التشبه بهم كظهور المهدي في السودان، إلا أن جميع هؤلاء لم يقوموا بأعمال خارقة كالتي قام بها النبي محمد الذي جعل أبناء الصحراء أمة تمكنت من المحافظة على المدينة وتقدمها في نصف أرجاء المعمور.
يبلغ اعتداد السر (أومان) بنظريته الذروة عندما يستشهد بسيرة وليم الفاتح فيقول: (لقد لعبت بريطانيا العظمى خلال القرون الماضية دوراً مهماً في تاريخ ومقدرات العالم. وإني أؤكد جازماً أنه لولا مجيء وليم الفاتح لما تيسر لبريطانية أن تلعب هذا الدور في الأوضاع العالمية، وأن تاريخ بريطانية كان من المحتمل أن يكون شبيهاً بتاريخ الدول الاسكندنافية، أي معزولاً عن السياسة الأوربية العامة لولا وليم الفاتح وانتصاره في موقعة (هيستنكز) عام ١٠٦٦. ولا غرو إذا قلنا إنه لو كتب لوليم الفاتح أن يندحر عوضاً عن (هارولد كود وينسون) في موقعة جسر (سنلاك) لبقيت بريطانية محافظة على عزلتها ولازمت عدم التدخل في القارة الأوربية.
ونستعرض الآن رأي كاتب آخر يفوق السر (أومان) في أعمق تفكيره وبحثه الفلسفي المركز؛ وهذا الكاتب هو (جيكوب برخاروت) أستاذ التاريخ بجامعة (بيزل) في سويسرا بين عام ١٨٦٥، ١٨٨٥. يبتدئ (برخاروت) بإلقاء نظرة عامة على مفهوم كلمة العظمة والغموض الذي يكتنف ماهيتها لعدم وقوعها ضمن الأشياء المادية التي يمكن وزنها وقياسها، فلا هي هبة حتى يعرف مصدرها، ولا هي منحة حتى يشار إلى مانحها؛ وعلى هذا الأساس فإن الحكم على عظمة الأشخاص حكماً عادلاً أمر من الصعوبة بمكان عظيم.
ويعتقد (برخاروت) أن من أهم الصفات الملازمة للعظمة أنها وحدة فريدة غير ممكنة التعويض. ولهذا فالرجل العظيم هو ذلك الشخص الذي لولا وجوده لما تم تنفيذ جزء مهم من الأعمال الخطيرة في تلك الحقبة من الزمن والمكان اللذين عاش فيهما. ويتعرض (برخاروت) إلى المثل السائر (ليس هناك فرد لا يمكن تعويضه فيقول: (نعم إن هذا المثل