كم خط من صور الحياة مداده ... ما لم يخط مصور بدهانه
ببراعة لو أدركت موسى رأى ... من سحرها ما غاب عن ثعبانه
أين القصائد كالخرائد كلها ... بكر، وبكر الشعر غير عوانه
أحيا لنا ابن ربيعة تشبيبها ... وأعاد للأذهان عهد حِسانه
شيخ يحس الشيخ عند نسيبه ... بدم الشباب يسيل في شريانه
وإذا تحمس قلت حيدرة انبرى ... تحت العجاجة فوق ظهر حصانه
وإذا تبدى قلت لابس بردة ... قد جاء من وادي العقيق وبانه
وإذا تحضر قلت نسمة روضة ... من فرط رقته وفرط حنانه
يا طالما حمل الأثير نشيده ... وكأنما هو عازف بكمانه
بغداد مصغية إلى أنغامه ... ودمشق راقصة على عيدانه
وكأنما الحرمان عند هتافه ... سمعا بلالاً هاتفاً بأذانه
يثني على الفاروق تحسبه فتى ... ذبيان قد أثنى على نعمانه
والملك يظهر بالثناء جلاله ... والشعر مثل الدر في تيجانه
والشعر مرآة النفوس يذيع ما ... طويت قرارتها على كتمانه
من أحرف سوداء إلا أنه ... نقش يريك الطيف في ألوانه
والشاعر الموهوب تقرأ شعره ... فترى جمال الله في أكوانه
يا ويح قومي كم أشاهد بينهم ... من شاعر هو شاعر بهوانه
يا رائي الموتى ومخلد ذكرهم ... بالخالد السيار من أوزانه
أرثيك حفظاً للجميل وإنه ... دين أعيذ النفس من نكرانه
ماذا يؤمل شاعر من راحل؟ ... أتراه يطمع منه في إحسانه؟
وأنا الذي ما سمت شعري ذلة ... أو بعثه بالبخس من أثمانه
يا رب بيت قد ضننت ببذله ... ضناً على من ليس من سكانه
أقسمت ما جاوزت فيك عقيدتي ... قسم الأمين البر في أيمانه
دار العلوم بنتك حصناً شامخاً ... للضاد تلقى الأمن في أحضانه
رزئت لعمري فيك رزء الدوح في ... كروانه والفلك في ربانه