كانت موجودة ومستقرة سلفاً في ضمائر الآلهة، فإن ذلك لا يغير من صلب الحقيقة؛ لأن وجود الحقيقة واستقرارها في ضمائر الآلهة شيء وحدوثها في عالم الحس والواقع شيء آخر. فالبحث عن الحقيقة قد أدى عند فرويد إلى اكتشاف الحقيقة فحسب، والبحث عن الحقيقة أدى عند أوديب إلى وقوع الكارثة أو المأساة أو الحقيقة. وواضح أن الفرق بين الحالين أكبر وأوسع من أن يستسيغ أي تشبيه بينهما.
٢ - لاحظت أن الحكيم يقول في الرد نفسه أن الطعن الذي أنزله أوديب بعينيه قد ذهب في تفسيره أندريه جيد في مسرحيته إلى كونه إمعاناً في الكبرياء. والواقع يشهد وصحائف الكتاب بدورها تشهد بأن أندريه جيد لم يقل مثل هذا الكلام ولم يفكر فيه؛ لأنه قال بصراحة عن لسان أوديب مخاطباً الكاهن تيرسياس بأنه - أي أوديب - إنما يفقأ عينيه لأنهما لم تحسنا تنبيهه إلى الكارثة قبل وقوعها ولم تضيئا له الطريق، فهو إذ يطعن عينيه إنما يتلف أداة عاطلة لم تنفعه إن لم تخدعه في نفس الوقت.
هذا ما وددت أن أعرضه عليكم آملاً أن أتلقى منكم الرأي المصيب الذي عودتمونا إياه في أغلب الفرص والمناسبات. وختاماً أبعث إليكم والى صاحب الرسالة الجليل أطيب الود وأخلص التقدير
(بغداد)
فؤاد الونداوي
ليسانسيه في الحقوق
حول هام ومهم:
قرأت للأستاذ علي هلالي تصويباً لاستعمال كلمتين لم يقل أحد بخطأ إحداهما وصواب الأخرى وهما هام ومهم. وبعد أن استعان بلسان العرب والقاموس وغيرهما وحكم بأنهما لغتان عربيتان صحيحتان ولا فرق بينهما في الاستعمال قال: وإني أحذر الكتاب من النقود المزيفة في لغة الجرائد، فدخل في روعي أن في لغة الجرائد تخطئ لإحدى الكلمتين فعدت إلى تلك النقود المزيفة عند الأستاذ فوجدت ما يأتي:
(ويقولون هذا أمر هام بصيغة الثلاثي لا يكادون يخرجون عنها في الاستعمال والأفصح