للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شبابه ورونقه وثرائه، وهو يطمع في أن تكوني شغل فراغه وشغل قلبه) فأجابت الزوجة في ذعر (أنا؟ لا، لن أكون شيئاً من ذلك! فقالت) الفتاة (لا بد أن تكوني، لعلك من الحمق والغباء بحيث تطمعين في أن أبذل من نفسي لأوفر لك السعادة والهناء!) فأجابت الزوجة في غيض (إنني أجد السعادة إلى جانب زوجي فأقنع بإخلاصه وأقنع براتبه الضئيل) وثارت الفتاة في وجه الزوجة قائلة (إذن لا معدى لك عن أحد آمرين: إما أن تكوني كما أريد وإما أن تبرحي هذه الدار حالاً) فصاحت الزوجة (وزوجي. . وزوجي. .!) فقالت الفتاة (لا زوج لك هنا. . . أنا هن صاحبة الدار وصاحبة الرأي وصاحبة الأمر).

وران الأسى على قلب الزوجة لما سمعت فقضت ليلتها تتململ في فراشها لم يغمض لها جفن ولا قر لها قرار، وإن الخواطر السود لتضطرب في خيالها فتفزعها عن هدوئها وراحتها، وإن الخوف ليسد أمامها الطريق فهي تخشى لأن تزل قدمها فتفقد كرامتها وشرفها وتخشى أن تبوح لزوجها بما سمعت من أخته فيرميها بالفتنة والنميمة، فكتمت أتراحها لا تبدي عن شيء منها.

وآدها أن تصبر على حديث الفتاة وهي تلاحقها تريد أن تدفعها إلى الجريمة، فانطلقت - بعد لأي - إلى زوجها تنفض أمامه جملة الخبر فما أحست فيه الإباء ولا الترفع ولكنه انطوى عنها وعلى شفتيه ابتسامة. . ابتسامة الذئب يوشك أن يغرر بالفريسة، فعاودها الأسى والضيق وتراءت أمامها فوهة الرذيلة تنفرج في غير رحمة ولا شفقة تكاد تبتلعها فأصابها الذعر والخوف، فطارت إلى أمها العجوز الفقيرة علها تجد هنا متنفساً٠ وترفعت الأم العجوز الفقيرة عن أن تبيع شرف ابنتها الطاهرة بثمن بخس دراهم معدودة، وأخذتها العزة بالإثم فآثرت أن تبيت ابنتها على الطوى تقاسي المخمصة والشعب على أن ينثلم شرفها أو تنخدش كرامتها.

أما أنت يا رجل، فلست رجلاً إلا أن تعتز بالشرف والكرامة وإلا أن تفخر بالشهامة والإباء وإلا أن تتشبث بالرجولة والعفة، لا يغنيك عنها أن تبدو أنيق اللباس نضير الإهاب بهي الطلعة.

كامل محمود حبيب

<<  <  ج:
ص:  >  >>