ولا يتمسكون بالشرف من انفراط عقد الأسرة ولا يؤمنون بالعفة من اثر الاستهتار والتبذل، وهم داء الامة العضال وعظامها النخرة.
وترامى إلى زميلي أن أخته قد حادت عن الطريق المستقيم وأشكت أن ترتدغ في هاوية مالها من قرار فأخذ يتأثر خطاها ويضيق عليها السبل٠
ولكن الفتاة كانت ذات مكر ودهاء فسلكت إلى قلب أخيها مسلك براقة فغمرته بالطيب من الطعام والغالي من الثياب وحبته بسبل من الهدايا ما ينضب معينه، فوهي ما اشتد من قوته وانحلت عقدت عزيمته فأغضى عن زلاتها وأرخى لها العنان، فاندفعت الطائشة لا تلوى على شيء، وعاش هو لا يهمه إلا أن يبدو في زي الثراء والغنى، لا يشغله إلا أن يبذل في بذخ وإسراف. . . ثم تاقت نفس صاحبنا إلى أن يكون زوجاً ورب أسرة فجلس إلى أخته يكشف لها عن ذات نفسه فما صرفته عن رأيه ولا ردته عن غايته، ثم راحت تمهد له السبيل من مالها وهي تذكره - في لباقة - بأنه موظف حكومة يجب ألا ينسى أن راتبه لم يبلغ بعد إلا تسعة جنيهات.
وانطوت الأيام فإذا الفتى زوج لفتاة جميلة آسرة رغم أنها من أسرة رقيقة الحال تقنع بالتافه وتجتزئ بالضئيل لا ترنو إلى المال ولا تطمع في الترف. ولقد راع الزوجة أن ترى بيت زوجها يموج بالطنافس والصور ويفهق بالأثاث والزغرف، ولكنها عاشت إلى جانب زوجها سعيدة تنظر إلى ما حولها ولا تتكلم وترى ولا تتحدث وخشيت أن تكون ضحية حماقتها أن هي ثرثرت بكلمات تؤذي زوجها أو تنال من كرامة أخته، وخُيل إليها أن زوجها في عمى عن نزوات أخته فانضمت على أذى في نفسها ووقفت على حيد الطريق في صمت وضيق، ومرت أيام وأيام.
وأرادت الفتاة أن توسوس لزوج أخيها بأمر لتجتذبها من وحدتها فجلست إليها تحدثها قائلة (أريت ما أفعل؟) قالت الزوجة (وماذا تفعلين، يا أختي) قالت (أرأيت الشاب الذي يطوف بسيارته حول دارنا فلا يقر له قرار إلا أن أرافقه فأملأ فراغ وقته وفراغ قلبه في وقت معاً) فقالت الزوجة (ما رأيت شيئاً) فقالت الفتاة في إصرار وصراحة (لا تنكري، لقد سمعت ورأيت، ولا عليك فنحن الآن في خلوة لا يسمعني أحد ولا يرى) فأجابت الزوجة (نعم، لقد رأيت وسمعت، ولكن مالي أنا ولذلك الشاب) قالت الفتاة (أن له لأخاً في مثل