وهذه المنازل الحمراء ... راقية معارج العلاء
وهذه الخطوط في البيداء ... كأنها أسرة العذراء
وذلك التدبيج في الصحراء ... من كل رسم باهر للرائي
مشوش النظام في جلاء ... منتسق بالحسن والرواء
وهذه المياه في الصفاء ... آناً وفي الازباد والإرغاء
تنساب في الروض على التواء ... خفية ظاهرة اللألاء
وهذه القصيدة كما يقول الأستاذ الدكتور إسماعيل أدهم في بحثه القيم عن مطران (تلمس فيها طبيعة الشام وتستحضر في ذهنك صورة محسوسة بين يديك عنها). وكما يقول المنفلوطي الكاتب الوجداني (يكاد يلمسك خياله ويسمعك رنين أوتار قلبه) وذلك لأن نفس الشاعر كالمرآة الحساسة ينطبع عليها كل ما يمر بها ولذلك كان الخليل شاعر الشعور والخيال.
ومن روائع شعره قوله في قصيدته الخالدة (المساء):
يا للغروب وما به من عبرة ... للمستهام وعبرة للرائي
أو ليس نزعاً للنهار وصرعة ... للشمس بين جنازة الأضواء
والشمس في شفق يسيل نضاره ... فوق العقيق على ذرى سوداء
مرت خلال غمامتين تحدرا ... وتعطرت كالدمعة الحمراء!
وهذا من رائع الوصف ورائق الشعر العربي:
ومجمل القول في مطران أنه أول شاعر إبداعي عرفته العربية. وقد أثر إلى أبعد حدود التأثير في الشعر العربي بمدرسته الحديثة التي أخلص لها وغذاها بروائع شعره الإبداعي والقصصي فالتف حوله جمهور من شباب الشعراء والأمل معقود عليهم في أن يحملوا مشعل الإبداعية في مصر بعد أن رفعته يد مطران نصف قرن تقريباً.
رابح لطفي جمعة
مراجع البحث:
بحث الأستاذ الدكتور إسماعيل أدهم عن (خليل مطران شاعر الإبداعية) في المقتطف