بداً بعد كل هذه الحوادث من المجاهرة بعدائهم ضد الإنجليز والفرنسيين واستثنوا الإيطاليين فقط من ذلك. فما كان من الإنجليز إلا أن ازدادوا تمسكاً برأيهم وأرادوا أن يؤثروا في الترك باتخاذ هذه الطرق الشديدة.
أما الزعيم التركي، فقد باشر بحرب عصابات مسلحة تحميها قوات من الجيش المنظم الذي بدأ ينظمه في الداخل بإرادة تشهد بعبقريته المنظمة.
وبقدر ما كانت تزيد قواته المنظمة بقدر ما اتجه الناس إليه، حتىأن موظفي حكومة الباب العالي لم يعودوا يخفوا إعجابهم به وشعورهم نحوه.
وهكذا فهم الترك أن الزمان حليفهم، وأن حل المسائل المعلقة بأيديهم.
بقيت أمامنا بعد هذه الحوادث مسألة واحدة موضعاً للتساؤل، وهي ماذا ينوي الحلفاء عمله بعد أن صدقوا في المؤتمر الذي عقد في سان ريمو في أبريل سنة١٩٢١ على الشروط القاسية التي وضعت في لندرة؟
لقد وقف اللورد كيرزون عند افتتاح جلسات المؤتمر يقول:
(انه قد بولغ كثيراً في تقدير القوة التي لدى الكماليين، وليس مصطفى كمال بالعامل المهم الآن كما يحاول إظهاره بعض السياسيين) وكنت طبعاً المقصود بهذه الإشارة، لأنني داومت من روما حيث كنت أقيم في ذلك الوقت على إسداء النصيحة بعرض صلح مقبول على تركيا.
وبعد انفضاض مؤتمر سان ريمو الذي انتصرت فيه السياسة الإنجليزية على فرنسا وإيطاليا تابع لويد جورج التمسك بخطته التي سار عليها، وجاهر بثقته بها في خطبة رنانة ألقاها بلندرة في شهر يونية حيث قال: إن اليونان هي الدولة الوحيدة القادرة على تأخذ مكان الحكومة التركية في آسيا الصغرى.
وفي اجتماع هيث حيث التقى لويد جورج بميليران عرض فنزيلوس على انجلترة فكرة تعاون حكومته باستعمال الجيش اليوناني في تأديب الكماليين، وكان اقتراحه يرمي إلى توجيه قوات مشكلة من٩٠٠٠٠ جندي يوناني مزودون بأحدث الأسلحة للقيام بحركة سريعة إلى وسط الأناضول لقطع كل اتصال بين الكماليين والساحل تلجئ الأخيرين إلى التقهقر إلى الداخل، حيث يكون مصير قواتهم الانحلال والتشتت.