قيل إن الذبابة هبطت يوماً على رأس الفيل، فلما يئست من أن تشعره بوجودها قالت له: ياعزيزي، إني طائرة عنك. . . ونظر إليها الفيل ضاحكا ثم قال: يا عزيزتي، والله ما أحسست بك هابطة حتى أحس بك طائرة!!
تذكرت هذه القصة الطريفة وأنا أستمع لمن نقل إلي خبراً فحواه أن قصاصاً من القصاصين العوام، اجترأ على أن يتهمني في إحدى الصحف اليومية بالسطو على أحد الأفكار من قصصه لتزدان بها قصتي (من وراء الأبد). . . أما هذا القصاص العامي النابغ الذي أراد أن يشعرني بوجوده كما فعلت الذبابة الخالدة، فهو السيد أمين يوسف غراب!
أود أن أقول لهذا القصاص الذي لا أشك لحظة في أنه درس فن القصة في كتاب القرية؛ أود أن أقول له أنه لو قدر له أن يعاصر المثال الفرنسي العظيم رودان لألهمه الإبداع في صنع تمثال يمثل الغباء النادر. . . ذلك لأنه لو خطر لي أن أنقل فكرة عن أحد القصاصين، فإن الذوق يفرض على أن ألجأ إلى أعلام القصة في أدب الغرب. عندي مثلا في الأدب الفرنسي بلزاك وديماس وفلوبير وزولا وموباسان، وعندي مثلا في الأدب الروسي تولستوي ودستويفسكي وتورجنيف وتشيكوف وجوركي، وعندي مثلا في الأدبيين الإنجليزي والأمريكي ديكنز ولويس ولورنس وبووموم. . فمن يصدق أنني أترك تلك القمم حيث يحلق النسور، لأهبط إلى السفوح حيث يحلق الغراب؟!