نحو وصرف لأنهما المجال الذي يحسنون الكلام فيه. وإن ناقشت هؤلاء في جدوى كثير من التفصيلات النحوية التي يخوضون فيها، قالوا: إنها رياضة ذهنية. أوليس من العبث أن تنفق الجهود والأوقات في هذه الرياضة الذهنية العقيم، ي هذا العصر الذي تعددت حاجاته إلى أنواع المعرفة؟
ولا تزال مناهج المدارس في اللغة العربية مثقلة بهذا النحو، وخاصة في المدارس الابتدائية التي يبدأ فيها التلميذ تعرف اللغة العربية، فالطفل في السنة الثانية مكلف أن يعرف الفاعل والمفعول به والمبتدأ والخبر، ومطالب بتكوين جمل تشتمل على مضاف إليه خبر، ومضاف مبتدأ، ومنعوت مفعول به. . . الخ، وهو لم يتصور بعد هذه اللغة التي يطلب منه أن يحللها ويفهم مصطلحات قواعدها. ولابد أن نذكر إلى جانب ذلك حقيقة بديهية مفهومة، وهي أن اللغة العربية الفصيحة ليست لغة البيت والمجتمع الآن، فلا بد إذن من ضوابط تعصم من الخطأ فيها، ولنفرض أننا فرغنا من تصفية هذا الخليط من القواعد ومصطلحاتها وغربلته، حتى حصلنا على القدر الميسر النافع منه، فكيف ومتى يتعلمه الناشئ؟ وهنا نصل إلى ما قرره مؤتمر مفتشي اللغة العربية، وهو دراسة الأساليب واستخلاص القواعد منها، وأقرر أولا أنه لا جدال في ضرورة الإكثار من المطالعة بأنواعها مع التشويق إليها والإكثار من التمرين على التعبير شفوياً وتحريرياً. ثم أسأل ما المقصود باستخلاص القواعد من الأساليب؟ هل هو أن يبدأ بتعليم القواعد على طريقة الإتيان بأمثلة كثيرة واستنتاج القاعدة منها؟ أو المقصود أن يترك الناشئ سنوات يسمع فيها اللغة ويقرؤها ويعالج التعبير بها، بحيث يدركها إدراكاً كلياً، وبحيث يشعر بالحاجة إلى ضوابط لها؟ وعند ذاك تنتهز فرصة تشوقه إلى الضوابط، فيعرف بها بطريقة سهلة ميسرة؟
أما الطريقة الأولى فهي المتبعة الآن، وهي طريقة لهوجة، لأن التلميذ لا يكاد يبدأ في تذوق اللغة حتى يصدم بالقاعدة والمصطلحات، والمأمول أن تعد المناهج الجديدة وفق الطريقة الثانية ليتحقق المنشود من دراسة الأساليب واكتساب ملكة اللغة من نفس اللغة.
كابوس ليلة:
هو فلم (حلم ليلة) الذي عرض في هذا الأسبوع لأول مرة بسينما أوبرا، وهو من تأليف