والمفكرين لطال المقام، كما يطول بسياق الأمثلة لجحود مصر ونسيان الراحلين عنها بعد أن فنوا بأداء رسالاتهمفيها، والعجيب أن تهتم بمشاركة غيرها في الاحتفال للذكريات وهي لا تهتم بذكريات أبنائها!
وجدير بالغير ألا يهتم بهم ما دامت هي غافلة عنهم!
والتقصير في ذلك يرجع إلى الجهات الحكومية وإلى الهيئات الأهلية، أذكر من الأولى وزاراتي المعارف والشؤون الاجتماعية والإذاعة، ويختص الأزهر بالتقصير في جانب الشيخ محمد عبدة!
وما أكثر الجمعيات الأدبية والثقافية في مصر، وما أقل الأدب والثقافة في مصر، وما أقل الأدب والثقافة فيها! وإن أليق شيء به أن تقوم بإحياء ذكريات الأدباء والمفكرين.
ولا ينبغي أن يمهل ذكر الصحافة في هذا التقصير، فإنه لا تغنى كلمة هنا ونتفة هناك، ولا شئ هنا وهناك. . .
وكذلك الكتاب الذين عاصروا وعاشوا الشخصيات التي نسيت ذكرياتهم، وهم أولى الناس بأن يذكروها.
وأعتقد أن أولئك الراحلين ليسوا في حاجة إلى تلك الجفاوات والاحتفالات، إنما تنفع الذكرى الأحياء بما يجلي عليهم في إحيائها من آثار أدبية ومثل عالية في حياة من تحيا ذكرياتهم، فهي للجيل الحاضر معرض رائع من صور الإنسانية الراقية في حياة الماضيين ومما يلابسها من آداب وعلوم وفنون. . . فاذكروا الأحياء بذكرى الأموات!
تعليم العربية في جنوب السودان:
رددت الصحف أخيراً أنباء خلاف وقع في السودان بين وزير المعارف هناك السيد عبد الرحمن علي طه وبين السلطات البريطانية على دراسة اللغة العربية في مدارس السودان الجنوبي، وقالت الأنباء إن السيد عبد الرحمن قام برحلة إلى الجنوب تفقد فيها حالة التعليم هناك، ولما عاد إلى الخرطوم رأى ضرورة اعتبار اللغة العربية لغة أساسية في مدارس الجنوبوهذا النبأ يدل على حقيقة تدعو إلى الأسف، وهي أن أهل السودان الجنوبي يعلم من يعلم منهم بغير اللغة العربية، بالإنجليزية طبعاً. . ولكن الإنجليز لا يشاركوننا هذا الأسف بطبيعة الحال، بل هم يدهشون لاجتراء وزير المعارف السوداني على الاهتمام باللغة